فلم نصف القمر .. كرنفال الدفوف..

فلم نصف القمر .. كرنفال الدفوف..
                                              لهيب خليل
( حين يشفي الغناء جراح الانسان في معركته ضد العزلة والموت الذي يبدو كانه عزلة ابدية وحين لا تملك المراة سوى الدعاء بصوت عذب من اجل الحياة )
يبدو ان الدموع والاهات والبكاء لم تساعد الانسان القديم للتعبير عن الم الحزن فالانسان الذي اوجعه مصاب يبدأ بالصراخ وهو صوت مزعج لانه يذكر السامع بالموت او بالنوائب الامر الذي يبعد الناس حتى لا يصابوا بنفس المصاب ولهذا اراد الانسان ايجاد طريقة جديدة ليكسب تعاطف الناس معه ويقدموا له المساعدة كذلك شرح معاناته وتخفيف معاناته الروحية ولانه عرف جمال بعض الاصوات في الطبيعة الامر الذي دفعه لتقليدها لهذا اكتشف الغناء وهي الية جميلة ساعدت الانسان على تخفيف جزعه وفاجعته ولا ندري ان كان الامر مصادفة ان اختار المخرج الكردي بهمن قوبادي اسم نصف القمر لفلمه الذي تتحدث حكايته عن الغناء وما اوردته الوقائع التاريخية بان الانسان القديم اراد ان يدعو الالهة لتساعده على بعث روح الطمأنينة في قلبه راح ينشد وتقول احد مرويات التأريخ ان نيكال هي اول من انشدت للقمر ونيكال هذه وحسب الاسطورة انها كانت زوجة القمر كتب عليها العقم فظلت تبكي لرغبتها الشديدة في اجاب الاطفال وعلى الرغم من ان زوجها كانت موكلة اليه مهمة منح الذرية للازواج الا انه لم يستطع فعل ذلك مع زوجته فقررت نيكال الابتهال الى الالهة بصوت ملحن  .حكاية الفيلم تتحدث عن فنان يُدعى مامو، يأخذ تصريحا من السلطات الإيرانية لإقامة حفل في إقليم كردستان العراق، و هي أحد الحفلات ستقام بمناسبة الإطاحة بالنظام العراقي الديكتاتوري، ويبدأ مامو بجمع أبناءه العشرة الذين هم أعضاء فرقته الموسيقية أيضا، للسير صوب الحدود، وتعترضهم الكثير من الصعوبات، حيث نتابع من خلال أحداث الفيلم وكيف أنّ احدى نقاط التفتيش تعثر على المرأة التي من المقرّر أن تغني مع (مامو) بطل الفيلم، ويعتقلونها ويحطمون أدوات الفرقة الموسيقية، ولا ينجح البطل في إشراك المرأة في فرقته، حتى بعد أن فرّ بها أحد الجنود وأعادها للفرقة، إذ أنّها تختفي بعد ذلك مرة أخرى بعد أن تترك رسالة لـ مامو بطل الفيلم، ويظلّ مامو دون أدوات موسيقية ودون مغنية تؤدي الأغنيات معه في الحفل المرتقب، الذي يقول مامو فيه إنه انتظر 35 عاما ليحيي هذه الحفلة وهو عمر سيطرة حزب البعث الحاكم على العراق قبل الإطاحة به في العام 2003، ثم يبدأ الجزء الآخر من الفيلم والذي يُشبه حُلم مامو في الغناء في كردستان العراق ، حيث إنّ فتاة ما تظهر فجأة كهبة من السماء تهبط عليهم، وترسم لهم طريقا للوصول إلى مبتغاهم بما يشبه السحر وترتّب لـ مامو حُلمه الذي منذ ان بدا الفلم راح  يتكرّر وهو مشهد التابوت في وسط الثلوج، والذي يغطي مساحة بصرية شاسعة من الفيلم، حيث البياض يرسم ملامح الموت والنقاء والحلم، بينما الغناء يمثّل أنماط الندب والنوح الجنائزيين في تلك البيئة الشعبية على جانبي الحدود.
بهمن قوبادي.. 
مخرج سينمائي كوردي ، يعتبر من أفضل المخرجين الكورد حاليا، حيث يتميز بحس فني عال وبراعة في تصوير المشاهد المؤثرة ,.
ولد قوبادي سنة 1969 في بلدة بانة على الحدود الايرانية القريبة من العراق و درس السينما في طهران وعمل في المجال السينمائي وأنجز عدد من الأفلام الوثائقية والأفلام القصيرة قبل أن يتحول إلى الأفلام الطويلة. يعتبر قوبادي أفضل من جاء لخلافة المخرج الكردي الكبير يلماز غوناي فقد  نال عدد من الجوائز العالمية في مجال الإخراج السينمائي وشارك في العديد من المهرجانات العالمية أهمها مهرجان كان...
أهم أفلامه ..
1ـ زمن الخيول السكرانة 
انتج عام 2000 حاصل على واحدة من اهم جوائز كان الفرنسية. ، هناك اطفال فقراء يعملون في تهريب البضائع على ظهور البغال من العراق الى ايران وبالعكس الذي  كانوا يضعون لها الخمور في المياه كي تعطيها طاقة اكبر وتساعدها في قطع تلك المسافات الطويلة المغطاة بالثلوج.
2ـ السلاحف تستطيع الطيران 
تم انتاجه في عام 2005 الفيلم ونال اعجاب النقاد وحصل على جوائز قيمة منها جائزة مهرجان برلين وجائزة مهرجان سان سباستيان ، الفيلم يصور لنا  مجموعة اطفال لاجئين في مخيم كردي قرب الحدود التركية الايرانية وهم يعملون في جمع الالغام المزروعة في زمن الحرب الايرانية العراقية ليبيعوها الى منظمات اجنبية مقابل قوت يومهم وعوائلهم
موسم وحيد القرن 3ـ 
المنتج لعام 2012  وتدور أحداثه حول قصة حب ومأساة اعتقال تعرض لها شاعر كردي مع زوجته الوفية بتهم سياسية باطلة، بعد أن وشى بهما أحد المعارف على خلفية ثأر شخصي منهم..


إنّ أحد أبرز مشاهد فيلم (نصف القمر) هو مشهد مجموعة نساء يضربن الدفوف بما يُشبه مهرجانا من النساء بثياب مزركشة، يحملن الدفوف بحركة متزامنة وموجية من فوق الأسطح في تلك القرى الحدودية التي تبني بيوتها حيث ترتفع مع الجبال كأن المخرج يغني في المشهد متسائلا مع الدفوف التي يعلو صداها عاليا فالاغنية هي رمز الانسانية والفلم يتحدث عن قضية غناء المراة وما له من اشكال في الدين ولماذا الجمال عورة ؟.