نداء لإنقاذ أشجار الزيتون في كاورباغي: ذاكرة كركوك الحية

سوران الداوودي
10:49 - 2025-02-02


لطالما كانت كاورباغي رمزًا من رموز كركوك، حيث تمتزج الطبيعة بالتاريخ، وحيث كانت أشجار الزيتون شاهدة على طفولة أجيال وأحلامهم. في هذا المكان، لعب الأطفال من مختلف المكونات، تسللوا إلى بساتينه، وتذوقوا طعم الحياة البسيطة تحت ظلال أشجاره. لكن اليوم، يواجه هذا الإرث الطبيعي خطر الزوال، حيث تحجب الكتل الكونكريتية هذه الصورة الجميلة، وتخنق الأشجار التي كانت يومًا رمزًا للسلام والتعايش.

لا يمكن لأي شخص نشأ في كركوك أن ينسى كاورباغي  هذا المكان المحفور في وجدان  اهل المدينة ذلك المكان الذي كان بمثابة رئة المدينة وملتقى أهلها. كان الأطفال يلعبون تحت أشجاره، والكبار يتسامرون في ظلالها، والمزارعون يعتنون بها بحب. الزيتون، ذلك الشجر المعمر الذي يرمز إلى السلام والصمود، ظل شامخًا في كاورباغي لعقود، لكنه اليوم محاصر بالإسمنت، مهدد بالجفاف والإهمال.

الكتل الكونكريتية.. جدار يفصل الناس عن ذكرياتهم

في عام 2003، بعد سنوات من الغربة، عدت إلى كركوك بشوق لرؤية تلك الأشجار التي احتضنت طفولتي. لكن بدلاً من أن أجدها كما كانت، وجدت جدرانًا عازلة تفصل بيني وبينها. أصبحت الأشجار خلف القضبان، محجوبة عن أهلها ومحبيها. لم يعد بوسع الأطفال اللعب تحتها، ولم يعد بإمكان المارة التمتع بجمالها.

تذكرت حينها أسماء الأصدقاء الذين شاركوني ذكريات الطفولة:  سالار  يشار، ، وغازي، وسردار وعزاوي وكنا نجتمع هناك، نلهو، نتسلق الأشجار، ونتسلل أحيانًا إلى مزرعة “دايي أصغر” لنسرق الباذنجان، في مغامرات طفولية بريئة. لكن اليوم، كل شيء تغير، وكأن الزمن قد قرر أن يمحو تلك الذكريات الجميلة.

لا يمكن أن نسمح لهذه الصورة الجميلة أن تندثر. كاورباغي ليست مجرد أرض أو مجموعة من الأشجار، بل هي جزء من روح كركوك، وهي شاهد على التعايش بين مكوناتها المختلفة. لذلك، أدعو جميع أبناء كركوك، وكل من يحب هذه المدينة، إلى المطالبة بإزالة الكتل الكونكريتية التي تحجب كاورباغي وإعادة الحياة إلى أشجارها.

كما أناشد إدارة كركوك ومجلس المحافظة للعمل على حماية ما تبقى من هذا الإرث الطبيعي، وزيادة المساحات الخضراء بدلًا من تدميرها. فالمحافظة على كاورباغي ليست مجرد قضية بيئية، بل هي مسؤولية جماعية للحفاظ على ذاكرة المدينة وهويتها.

كاورباغي ليست مجرد مكان، إنها حكاية كركوك.. إنها ضحكات الأطفال، وأحاديث الكبار، وذكريات لا تموت. لا تتركوا الإسمنت يحجب عنا ماضينا، ولا تسمحوا بأن تختفي أشجار الزيتون التي كانت تظللنا يومًا ما. فلنطالب جميعًا بإعادة الحياة إلى هذا المكان، قبل أن يضيع جزء آخر من روح كركوك إلى الأبد.

Copyright © 2020 Kirkuk Tv All Rights Reserved Designed And Developed By AVESTA GROUP