التقارب الكوردي: خطوة نحو حكومة موحدة بشراكة متوازنة

سوران الداوودي
10:20 - 2025-03-17

يشهد إقليم كردستان تطورًا سياسيًا مهمًا مع التقارب المتزايد بين الاتحاد الوطني الكردستاني والحزب الديمقراطي الكردستاني، في محاولة لتجاوز الخلافات وتعزيز الاستقرار السياسي. اللقاءات الأخيرة بين بافل جلال طالباني ومسرور بارزاني عكست رغبة الجانبين في العمل المشترك لتشكيل حكومة قوية وموحدة، قادرة على التصدي للتحديات الداخلية والخارجية. ومع ذلك، أكد الاتحاد الوطني على ضرورة الاتفاق على آلية الشراكة الحقيقية قبل الخوض في تفاصيل توزيع المناصب، ما يشير إلى حرصه على ضمان دور متوازن وعادل في إدارة الإقليم.

يرى الاتحاد الوطني أن أي اتفاق سياسي يجب أن يقوم على أساس شراكة فعلية في صنع القرار، وليس مجرد ترتيبات لتوزيع المناصب. هذا الموقف يعكس حرصه على ترسيخ التوازن السياسي داخل الحكومة المقبلة، لضمان عدم تكرار أزمات سابقة أدت إلى تعثر العملية السياسية. في المقابل، يسعى الحزب الديمقراطي إلى المضي قدمًا في تشكيل الحكومة بسرعة، مع التركيز على توزيع الحقائب الوزارية وفقًا للنتائج الانتخابية. هذا التباين في وجهات النظر قد يؤخر الإعلان الرسمي عن الحكومة، لكنه في الوقت ذاته يمكن أن يؤسس لمرحلة سياسية أكثر استقرارًا وثباتًا إذا تم التوصل إلى تفاهم شامل بين الطرفين.

تحسين العلاقات بين الحزبين لا يقتصر فقط على تجاوز الخلافات السياسية، بل ينعكس أيضًا على الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية في الإقليم. إن التوافق السياسي يمكن أن يسهم في حل المشكلات العالقة، مثل ملف الرواتب، والخدمات العامة، والبنية التحتية، ويدفع نحو جذب الاستثمارات وتعزيز التنمية المستدامة، وهو أمر ضروري لاستقرار الإقليم على المدى البعيد.

كما أن هذا التقارب يسرّع من عملية تشكيل حكومة إقليم كردستان، التي تأخرت بسبب الخلافات السياسية. وجود توافق على آلية توزيع المناصب، إلى جانب تفاهم حول أولويات الحكومة المقبلة، سيمنحها فرصة للعمل بكفاءة والاستجابة للتحديات الاقتصادية والأمنية التي تواجه الإقليم. تعزيز مبدأ الشراكة في صنع القرار يضمن حكومة أكثر تماسكًا واستقلالية، بدلًا من أن تكون مجرد انعكاس لتوازنات حزبية مؤقتة.

على المستوى الوطني، فإن الوحدة السياسية بين الحزبين ستمنح الكورد موقفًا أقوى في الحوار مع بغداد، خصوصًا في الملفات العالقة مثل الموازنة، والموارد النفطية، والمناطق المتنازع عليها. التفاهم الداخلي سيُمكن القيادة الكوردية من التفاوض مع الحكومة الاتحادية من موقع أكثر قوة ومسؤولية، مما قد يسهم في تحقيق مكاسب استراتيجية للكورد ويقلل من التوترات التي شهدتها العلاقة بين الجانبين في السنوات الماضية.

إقليميًا، فإن هذا التقارب قد يعزز قدرة الكورد على التعامل مع التحديات الخارجية، ويسهم في تحسين علاقاتهم مع تركيا وإيران وسوريا، ويفتح المجال أمام تعاون اقتصادي وأمني يخدم مصالح الإقليم. تقديم إقليم كردستان ككيان سياسي موحد ومستقر من شأنه أن يعزز موقعه على الساحة الإقليمية، ويزيد من فرصه في تحقيق استقرار سياسي واقتصادي مستدام.

إذا استمر هذا التوجه الإيجابي، وتمكن الطرفان من تجاوز العقبات الحالية، فقد نشهد تشكيل حكومة أكثر كفاءة وقدرة على تنفيذ الإصلاحات الضرورية، ما ينعكس إيجابيًا على جميع مكونات الإقليم. لكن تحقيق ذلك يتطلب إرادة سياسية قوية من الطرفين، لضمان شراكة متوازنة تؤدي إلى استقرار طويل الأمد، بدلًا من حلول مؤقتة قد تعيد الخلافات إلى الواجهة مستقبلاً.

Copyright © 2020 Kirkuk Tv All Rights Reserved Designed And Developed By AVESTA GROUP