لتأسيس ثقافة تآخي وتعايش..

لهیب خلیل
20:26 - 2022-02-25

سيطر العنف في زمن الديكتاتورية  فقد كان الوسيلة الاسهل للتعامل مع البلد وسياساته وقد وصلت الامور الى درجة ان تسود ثقافة العسكريتارية وقد أفاضت على الجميع كبارا وصغارا بل انها كبرت وامست ثقافة يتغنى بها الشعراء والفنانين والاعلاميين واغلب العاملين في دوائر الدولة لاننكر ان هذه الثقافة كانت لها اسس في العراق ومن ابرزها ازدواجية الشخصية، وتريّف البيئة العراقية وطبقا لأبرز علماء الاجتماع في العراق والمنطقة العربية في القرن العشرين الدكتور علي الوردي، فإن للمفاهيم والقيم القبلية ذات الجذور البدوية الشائعة الى حد كبير ولو بدرجات متفاوتة بين المناطق الجغرافية ومن الريف الى الحضر والمدن تأثير كبير على سلوك وبناء شخصية الفرد العراقي خاصة والعربي عامة بما في ذلك ضبط سلوكه وطبيعة أفعاله وردود افعاله وموجهاتها ويرى الوردي أن "محور الثقافة البدوية أو طابعها العام يمكن إجماله بكلمة واحدة هي التغالب وأن مركبات الثقافة البدوية هي ثلاثة: 1- العصبية 2- الغزو 3- المروءة. والملاحظ أن طابع التغالب موجود في جميع هذه المركبات الثلاثة، فالفرد البدوي يريد أن يغلب بقوة قبيلته أولا، وبقوته الشخصية ثانيا وبمروءته أي بتفضله على الغير ثالثا والامر الذي زاد الطين بله جاءت الفاشية التي كانت الفكر الايديلوجي للنظام  الديكتاتورية ، لتكملها وتضيف اليها، وان النظام الدموي ادخل الشعب العراقي في حروب وعنف مفرط في اقصى درجاته ولذلك كانت الاناشيد السياسية، تعبر بطريقة فجة، عن هذا المسار مثلا (هسه يجي بابا البطل متخيل الدبابة)(اي يركب الدبابة مثلما يركب  حصان )  اليس هو فلم رعب طفل ينتظر أباه وهديته هي الدبابة؟ وقبلها النشيد المدرسي في الابتدائية (أنا جندي عربي بندقيتي بيدي)، والنشيد الذي كنا نردده في المدارس ( لاحت رؤوس الحرابي تلمع بين الروابي ) والتي اوصلت العراق؟ الى الخراب والدمار والانهيار في المجالات كافة. الحروب هي صانعة الفقر والجهل والاوبئة الاجتماعية ، تصور معي كانت هذه الكلام يقال في الاعلام  (ياحوم اتبع لوجرينا) (كانهم يخاطبون الطيور الجارحة بان تتبع الجيش ليأكل من الجثث التي ستخلفها المعارك )والتي تخالف مقولة اكرام الميت دفنه، او الأخرى (هيه يأاهل العمارة هاي اجمل بشارة اليوم كلنا جنود) هل الحرب فيها بشائر! اما آن للعراقي أن يترجل عن صليبه ،تمظهرات العنف، تأخذ تجلياتها ايضا في مفردات الحياة اليومية، حتى في الطعام: (راح اضرب العشا) في العمل (راح أطگطك )في المكالمات الهاتفية (دكيت عليك وما جاوبت)، حتى في قراءة الكتب تجد من يقول (خبزت الكتاب خبز) او (سحگته باسبوع)، في سيارات النقل العام، يقول السائق (راح اذبك رأس الشارع) اي سأرميك في بداية الشارع  وهناك ربط غريب بين الطبخ والاغتيالات والقتل يقال (طگوه بالطاوة)، وفي النجاة،(فلت من الطاوة) والطاوة قدر مسطح يستخدم للقلي  المشكلة الكبرى لازال البعض يعتبر كل هذا كلام عادي وهذا ما يجعل العنف في مدياته القصوى بل ان الامر صار رؤية للتاريخ فحين قتل قابيل هابيل نرى اسم قابيل القاتل يختاره الكثير كمسمى لهم دون ذكر اسم هابيل البعض يعتقد أن كلمة اهبل مشتقة من هابيل وهي تشير الى العبط والساذج،حتى أسماء الحيوانات المفترسة، يتسمى بها الانسان، مثل أسد، نمر، صقر، فهد، عكاب دون ذكر اسماء الفرائس، هي دليل على تمجيد العنف والقوة، التي لها مكانة عليا في الثقافة الذكورية ، ومن ابرز تداعيات عسكرة المجتمع العراقي في مجال سلوك العنف في الشارع العراقي هي توتر المزاج العام للمجتمع وسرعة الاستثارة بسبب تلك البيئة الاجتماعية والنفسية وتشبع الشباب بها جراء تعايشهم مع الحروب والتنازع واسلوب استخدام القوة المفرطة واستعراضها باعتبارها رمز المنتصر ..

Copyright © 2020 Kirkuk Tv All Rights Reserved Designed And Developed By AVESTA GROUP