أين انت ايها التميمي العزيز ؟

کوردستان
15:37 - 2025-07-27

ستران عبدالله

هذه أصبحت عادة مزمنة عندي : شراء الكتب القديمة من رفوف المكتبات المهملة وفي زوايا مواقع الفيسبوك ومنصات السوشيال الميديا الخجولة إذ تعلن عن مزادات محدودة . افعل هذا من اجل إغناء مكتبتي الشخصية او بحثا عن مؤلفات نادرة قرأتها  فيما مضى و اريد ان أتذكرها بعد حين. او حتى مجرد فضول للتعرف على كتب كانت تزين مكتبات البعض ففقدت او تم بيعها بالجملة او المفرد لحاجات أصحابها بعد عسر مادي. او تكالب الورثة على الثمين و تخليهم عن الغث وليس مثل الكتب في رخصه و في فقده للقيمة والهيبة في عصر التفاهة هذه. 
وقبل يومين وصلني طرد بريدي لكتب صغيرة راقت لي لندرتها و لإعجابي الشديد بمؤلفيها من ضمنها مجموعة قصصية للقاص والمؤرخ الدكتور كاوس قفطان و كتب اخرى. 
وبين كتب الطرد  مجموعة شعرية مترجمة عن الكردية للشاعر والمناضل العتيد كامران موكري بعنوان( قصائد لكامران .. فتاة نغدة ) بترجمة الروائي الكبير حسين عارف.
ويتذكر المتابع لمسيرة  الإصدارات الكردية  ان (فتاة نغدة) من بواكير المحاولات الرائدة للتعريف بنماذج من الأدب الكردي للنخبة العربية في العراق بعد حركة الجنرال عبدالكريم قاسم و رفاقه و إعلان (الجمهورية الخالدة) بحسب وصف قاسم نفسه حيث كان يتغنى بالتحولات التي نقلت البلاد إلى عصر جديد.
صدر الكتاب المتضمن مجموعة قصائد مترجمة مع مقدمة تعريفية بقلم الناقد والباحث الدكتور  كامل البصير عن بدايات الأدب الكردي  و تعرجاته المختلفة. في عام ١٩٥٩
إلا أن ما اود الحديث عنه ليس مضمون الكتاب مما يمكن للمختصين أن يضطلعوا به خيرا مني ، بل اقف بكل  احترام عند توقيع واستذكار الصاحب الأصلي للكتاب الذي ذيله باسمه : (من كتب خالد سعود التميمي ٢٣-٤-١٩٦٢)
و دققت في الاسم والتاريخ بتمعن :،من هو صاحب هذا التوقيع العربي الأصيل (خالد) و (سعود)و(التميمي) الذي يوحي بأنتماء خليجي ..هذا التميمي المعتز بلقبه العزيز  الذي يتابع من ضمن مايتابع نصوص من الأدب الكردي المترجم في بدايات التعريف المهني و الحرفي حيث تخصيص مجموعة شعرية كاملة لشاعر واحد؟ ثم إذا كان الكتاب قد صدر في بداية ازدهار العلاقة بين الكرد و جمهورية قاسم حيث شهر عسل متذبذب لم يستمر سوى ثلاث سنوات فأن تاريخ التوقيع يستحق التوقير  اكثر. يوم الثالث والعشرين من عام ١٩٦٢ اي في خضم ثورة أيلول حيث النفير القاسمي ضد الكرد ببيشمركتهم و ناسهم و أدبهم الرومانسي المتفتح وقتها على الشريك العربي في الوطن.
كانت كردستان كلها واقعة تحت طائلة السطوة العسكرية الفتية لحكومة قاسم التي قدمت الكثير من المكاسب والانجازات الاقتصادية و الاجتماعية للشعب العراقي . ولكنها لجهة التعاطي مع المطالب القومية لشعب كردستان  تورطت في الأخير في ميل عبثي  نحو الاستفراد والدكتاتورية مهدت الطريق للتراجع عن المكاسب والالتفاف حولها وصولا إلى الانقلاب البعثي الأول في شباط من عام ١٩٦٣ و قتل قاسم نفسه.
وقتها قاد الشاعر والأديب التقدمي كاظم السماوي صاحب جريدة الإنسانية حملة وطنية من اجل السلم في كردستان و إنهاء الحرب العبثية التي احرقت الأخضر واليابس و حاولت ان تدق في اسفين العلاقة بين الكرد والعرب. واوقفت من ضمن ما أوقفت محاولات ثقافية وليدة من اجل تعريف الوسط الادبي بالنتاج الكردي شعرا و ثقافة.
يحز في نفسي الان حال زمان الوصل بين الثقافتين العربية والكردية قياسا بالزمن النادر حيث كانت المكتبة الشخصية للنخبة العربية قبل ستين عاما تتضمن حالات من التفرد الجميل مثل ( من كتب خالد سعود التميمي) فيما نعيش في زمن عراق ديمقراطي يتضمن دستوره الناجز إقرارا برسمية اللغة الكردية و محاولة مسلكية مؤسفة بالالتفاف على هذا الحق الدستوري.
ومن حقنا أن نكرر سؤالنا الأول تعليقا خفيفا  و حنينا جارفا ايضا ونحتفي بالتميمي الأصيل : أين انت يا خالد الذكر صديقنا المثقف خالد سعود التميمي؟

أخبار ذات صلة

Copyright © 2020 Kirkuk Tv All Rights Reserved Designed And Developed By AVESTA GROUP