مبدأ الشراكة

د. سمكو شواني
10:18 - 2024-12-22

 مبدأ الشراكة في السياق السياسي يشير إلى تعاون وتنسيق بين أطراف متعددة، سواء كانت أحزابًا أو قوى سياسية، بهدف تحقيق أهداف مشتركة وتقاسم المسؤوليات والموارد. في األنظمة 
السياسية التي تتبع هذا المبدأ، يتم تقاسم السلطة واتخاذ القرارات بشكل جماعي بين األطراف بد ًل من أن تكون السلطة مركزة في يد طرف واحد. المشاركة، 
 مبدأ الشراكة في تشكيل الحكومة بين الحزبين الفائزين األول والثاني، وهما الحزب الديمقراطي 
الكردستاني )PDK )والتحاد الوطني الكردستاني )PUK )، يعتمد على مبدأ التوافق والمشاركة 
الفعالة بين الطرفين في إدارة الحكومة اإلقليمية. 
في الحالة التي يفرض فيها الحزب األول قراراته بشكل منفرد، خاصة القرارات المهمة، ويحتفظ 
بالسيطرة على جميع تفاصيل السلطة الحكومية دون مشاركة فعلية أو تأثير حقيقي من الحزب 
بد ًل من ذلك، يمكن أن يُوصف هذا النموذج الشريك، فإن هذا ل يُعتبر شراكة حقيقية في السلطة. 
بكونه نو ًعا من الهيمنة أو الحتكار من قبل الحزب األول. 
الشراكة الحقيقية في السلطة تعتمد على : 
.1 التوزيع العادل للسلطة : حيث يُعطى الحزب الشريك دو ًرا فعا ًل في اتخاذ القرارات، ويُسمح 
له بالمشاركة في المناصب القيادية والوزارية. 
.2 التفاوض المستمر: حيث يتم اتخاذ القرارات بالتشاور بين األطراف الشريكة، وتُتخذ القرارات 
الهامة على أساس التوافق. 
.3 المشاركة في صنع القرار: ل يُفترض أن يكون الحزب األول هو الوحيد الذي يتخذ القرارات، 
بل يجب أن يكون الحزب الشريك له دور حاسم في القرارات الرئيسية، مثل التعيينات الحكومية، 
السياسات الداخلية، والعالقات الخارجية. 
إذا كان الحزب األول يتخذ القرارات بشكل منفرد، ويقتصر دور الحزب الشريك على المفاوضات 
الشكلية أو المشاركة في توزيع بعض المناصب الثانوية، فهذا يشير إلى أن الشراكة في السلطة 
2
قد تكون صورية أو غير حقيقية. في هذه الحالة، يمكن أن يؤدي ذلك إلى توترات بين الحزبين، 
ويهدد استقرار التحالف ويجعل التعاون بينهما ضعيفًا. 
ضمان الشراكة الحقيقية بين الحزبين في حال تفاوض حول تشكيل حكومة أو توزيع السلطة 
يتطلب مجموعة من المبادئ والتدابير التي تضمن التوازن والمشاركة الفعالة . فيما يلي بعض 
النقاط األساسية التي يمكن أن تضمن شراكة حقيقية بين الحزبين: 
.1 التوزيع العادل للسلطة والمناصب: 
يجب أن يتم توزيع المناصب الوزارية والقيادية بشكل عادل ومتوازن بين الحزبين بنا ًء على نتائج 
النتخابات، وليس فقط على أساس التوازن السياسي أو النفوذ. من المهم أن تشمل المناصب 
تمثي حقيقيًا لكال ًال الرئيسية )مثل رئيس الوزراء، الوزراء البارزين، المناصب العليا في البرلمان( 
الحزبين. 
.2 المشاركة الفعلية في صنع القرار: 
يجب أن يتم اتخاذ القرارات الهامة على أساس التوافق بين الحزبين. 
ل يمكن لحزب واحد أن يهيمن على اتخاذ القرارات المصيرية، بل يجب أن يتم التنسيق بين 
األطراف الشريكة في كل قرار كبير، مثل السياسات القتصادية، السياسة الخارجية، أو التعيينات 
الكبرى في الحكومة. 
.3 آلية للمراجعة والمحاسبة: 
إنشاء آلية شفافة لمراجعة القرارات الحكومية وتقييم أدائها هو جزء من ضمان الشراكة . يمكن 
وضع آلية للمحاسبة حيث يلتزم كال الحزبين بتقديم تقارير دورية عن أدائهم، وتقييم قرارات 
الحكومة والتأكد من أن الشراكة تسير بالشكل المتوقع. 
.4 التمثيل في المؤسسات التشريعية: 
ل ينبغي أن يكون التوزيع الحكومي فقط، بل يجب أن يشمل أي ًضا التوزيع العادل للمقاعد في 
البرلمان أو المؤسسات التشريعية. هذا يضمن أن كال الحزبين سيكون لهما تأثير حقيقي في صناعة 
القوانين والموافقة على القرارات الهامة . 
.5 اتفاقات واضحة ومكتوبة: 
يجب أن تكون هناك اتفاقات رسمية ومكتوبة بين الحزبين حول كيفية إدارة الحكومة، وتوزيع 
السلطة، وصالحيات كل حزب في اتخاذ القرارات. هذه التفاقات يجب أن تشمل آليات لحل 
النزاعات أو الخالفات التي قد تظهر بين الحزبين، بحيث يتم ضمان استمرار التعاون وتجنب 
الهيمنة من قبل طرف واحد . 
.6 التفاوض المستمر والتواصل الفعّال: 
3
التواصل المستمر والتفاوض المنتظم بين الحزبين أمر بالغ األهمية لضمان استمرار الشراكة 
بشكل صحي. يجب أن يتم تبادل اآلراء والمقترحات بمرونة، وتُتاح الفرصة للطرفين لتقديم 
بنا ًء على النقاشات المشتركة. اقتراحات وتعديل السياسات 
.7 احترام التوازن الجتماعي والسياسي: 
إذا كانت الشراكة تشمل أحزابًا تمثل فئات اجتماعية أو طائفية مختلفة، يجب أن تكون هناك مراعاة 
للتمثيل المتوازن لهذه الفئات في المؤسسات الحكومية، لضمان عدم تهميش أي مجموعة من
المجموعات الجتماعية أو الطائفية. 
.8 فترة زمنية محددة للمراجعة : 
في بعض الحالت، قد يتم تحديد فترات زمنية معينة لمراجعة الشراكة في السلطة. على سبيل 
المثال، يمكن أن يتفق الحزبان على إجراء تقييم مشترك للشراكة بعد فترة زمنية معينة )مثل سنة 
أو سنتين(، لضمان استمرار التعاون بينهما وإلجراء أي تعديالت ضرورية في التفاهمات. 
.9 المرونة في التفاوض : 
من المهم أن يتمتع الطرفان بمرونة في التفاوض وفتح المجال للتنازلت المتبادلة. الشراكة الحقيقية 
تتطلب قدرة األطراف على التكيف مع التحديات السياسية الجديدة والتغييرات التي قد تطرأ خالل 
فترة الحكم. 
.10 اللتزام بتنفيذ التفاقات : 
اللتزام بالتفاقات المتفق عليها هو العنصر الحاسم في ضمان الشراكة الحقيقية. إذا شعر أي 
حزب بأن اآلخر ل يلتزم بما تم التفاق عليه أو يتخذ قرارات بشكل أحادي، فإن ذلك قد يؤدي 
إلى تفكك الشراكة. لذا يجب أن يتم تنفيذ التفاقات بشكل واضح وملزم للطرفين. 
باختصار، الشراكة الحقيقية تعتمد على توزيع السلطة بالتساوي، والتشاور المستمر، والحترام 
المتبادل، وتنفيذ التفاقات المتفق عليها بصدق وشفافية. 
في إقليم كردستان العراق، يشكل هذا المبدأ أحد األعمدة الرئيسية للنظام السياسي، حيث يقوم كل 
من الحزبين بتوزيع المناصب الوزارية والقيادية على أساس التوازن بينهما. التاريخ السياسي 
غالبا ما تكون هي الحل األمثل ً لإلقليم شهد تقلبات وتحالفات متعددة بين الحزبين، لكن الشراكة 
مهما للحفاظ على وحدة اإلقليم وتجاوز التحديات ً لضمان الستقرار السياسي . يُعّد هذا التعاون 
السياسية والقتصادية. 
مثال أو نموزج عن الشراكة في السلطة في عدد من بلد اخرى
مبدأ الشراكة في السلطة يمكن مالحظته في العديد من البلدان التي تعتمد على األنظمة السياسية 
التوافقية أو الئتالفية . إليك بعض األمثلة على الشراكة في السلطة في دول أخرى: 
4
.1 السلطة الئتالفية في ألمانيا : 
في ألمانيا، يُعتبر النظام السياسي الئتالفي من أبرز األمثلة على الشراكة في السلطة. عندما ل 
يحصل أي حزب سياسي على أغلبية مطلقة في النتخابات الفيدرالية، يتم تشكيل حكومة ائتالفية 
بين عدة أحزاب . على سبيل المثال، بعد النتخابات الفيدرالية لعام ،2021 تم تشكيل حكومة 
ائتالفية بين الحزب الديمقراطي الشتراكي ) SPD)، وحزب الخضر )Grünen Die)، والحزب 
الديمقراطي الحر )FDP). تمثل هذه الحكومة الشراكة بين األحزاب المختلفة وتشارك في اتخاذ 
القرارات السياسية والقتصادية على أساس التوافق. 
.2 مشاركة القوى السياسية في لبنان: 
مثا آخر على الشراكة في السلطة، حيث يتم تقسيم المناصب الحكومية بشكل توافقي ًل لبنان يعتبر 
بين الطوائف المختلفة، بما في ذلك المسلمين والمسيحيين. هذا النظام يعتمد على توزيع المناصب 
في الحكومة والبرلمان وفقًا لنظام الحصص الطائفية، حيث يتم تمثيل جميع الطوائف في الحكومة 
والمؤسسات السياسية. في هذا النظام، يمكن لكل طائفة أو حزب سياسي التفاوض على حصته 
في الحكومة، ويعتمد استقرار البالد على قدرة هذه القوى على التعاون والشراكة . 
.3 الحكومة الئتالفية في جنوب أفريقيا: 
بعد انتهاء نظام الفصل العنصري في جنوب أفريقيا في عام ،1994 تم تأسيس حكومة وحدة 
وطنية تضم جميع القوى السياسية الرئيسية بما في ذلك الحزب الوطني )الذي كان يقود نظام 
الفصل العنصري( وحزب المؤتمر الوطني األفريقي )ANC )والحزب الديمقراطي. هذه الشراكة 
بين القوى السياسية المختلفة كانت تهدف إلى ضمان النتقال السلمي إلى الديمقراطية وتعزيز 
المصالحة الوطنية . 
.4 نظام الشراكة في العراق: 
بعد عام ،2003 تبنى العراق نظا ًما يعتمد على الشراكة في السلطة بين القوى السياسية المختلفة، 
مثل الشيعة والسنة واألكراد. يشمل هذا التقاسم العادل للسلطة بين األحزاب الكبرى في الحكومة 
والبرلمان، حيث يتم تخصيص المناصب الرئيسية )رئاسة الجمهورية، رئاسة الحكومة، ورئاسة 
البرلمان( بين األطراف السياسية المختلفة على أساس التوافق، رغم التحديات التي تواجه هذا 
النظام. 
.5 نظام الشراكة في سويسرا : 
سويسرا تتبع نموذ ًجا سياسيًا يعتمد على "الديمقراطية التوافقية" حيث يتم تشكيل حكومة اتحادية 
تضم ممثلين من عدة أحزاب سياسية . في النظام السويسري، يشارك أعضاء الحكومة في اتخاذ 
القرارات بشكل جماعي وضمن بيئة تعاونية، مع ضمان تمثيل األحزاب الكبرى في الحكومة. 
هذه األمثلة توضح كيفية تطبيق مبدأ الشراكة في السلطة في بلدان مختلفة، حيث يسعى األطراف 
المتعددة إلى ضمان تمثيلهم في اتخاذ القرارات والحد من التوترات السياسية والجتماعية.

Copyright © 2020 Kirkuk Tv All Rights Reserved Designed And Developed By AVESTA GROUP