ان لمصطلح التراث تعريفات متعددة ومتباينة في علم الاجتماع، ولكن لا جدوى من الدخول في متاهة تلك التعاريف لطالما ان المصطلح واضح و مفهوم لدى أغلب افراد المجتمع على أنها كل موروث اجتماعي من سلوك و معتقدات فكرية و الفنون والموسيقى .....الخ من جيل إلى آخر وبصورة متواترة في مجتمع معين بحد ذاته ، فما قد يعتبر تراثا من فكر او سلوك او معتقد في مجتمع ما ، قد لا يعتبر كذلك في مجتمع اخر لعدة اسباب لا مجال لحصرها في هذه المقالة فمنها تاريخية و وجغرافية و اقتصادية وسياسة .
فهنا نسلط الضوء على أثر هذه الموروثات السلوكية و الفكرية والتاريخية والثقافية والعقدية المتراكمة جميعها في طبيعة السلوك الاجتماعي للافراد وخاصة في بناء علاقاتها الاجتماعية داخل المجتمع الواحد وبالاخص في المجتمعات ذات التباين العرقي والثقافي كأغلب مجتمعات الشرق الأوسط.
فبدلا من توظيف عنصر التراث في تحقيق اندماج اجتماعي ناجح وصحي بين فئات واطياف المجتمع تم ترسيخ هذا العنصر ، اي التراث في تقطيع وتقوقع هذه المجموعات العرقية والتاريخية حول موروثها الفكري والاجتماعي بصورة تؤدي إلى سلوك اجتماعي تتسم بالارتباك والتوتر والهشاشة وتطغى عليها التعصب واحيانا العنف بين افراد المجتمع الواحد الذي يعيش على نفس الوحدة السياسية ، بخلاف المجتمعات اللتي نجحت في تحقيق الاندماج الاجتماعي بالاعتماد على المبادئ الأساسية للأخلاق والفضيلة في بناء السلوك الاجتماعي بين افراد المجتمع على اساس إنساني والاحتكام إلى الواقع وليس بالعودة إلى كل ما هو بالي من المعتقدات والفكر والعادات المقلدة .
فأي سلوك اجتماعي محكوم بالتراث والعادات الموروثة لا يعتبر سلوكا اجتماعيا معاصرا ولايؤدي إلى تحقيق السلم الاجتماعي في أغلب الأحيان.
ولأجل تحقيق سلوك اجتماعي صحي وسوي تؤدي إلى تحقيق علاقات اجتماعية سوية وبالتالي السلم الاجتماعي يجب تنوير افراد المجتمع بتحريرهم قدر الإمكان من حكم وسيطرة الايدلوجيات الفكرية والعقائدية والتاريخية والسياسية باعطاء مؤسسات المجتمع المدني دورها الحقيقي واعادة النظر في مناهج التعليم والتربية الأسرية.
Copyright © 2020 Kirkuk Tv All Rights Reserved Designed And Developed By AVESTA GROUP