عندما يُذكر اسم هيرو إبراهيم أحمد، لا يتبادر إلى الأذهان فقط كونها زوجة الزعيم الكردي الراحل جلال طالباني، بل تبرز صورتها كإحدى المناضلات الأوائل اللاتي لعبن دورًا محوريًا في الحركة التحررية الكردستانية. لم يكن نضالها تابعًا لشخص آخر، بل كان نتيجة إيمانها العميق بقضية شعبها، ووقوفها إلى جانب المقاتلين من البيشمركة في أصعب الظروف، حيث كانت جزءًا لا يتجزأ من معاناتهم وتضحياتهم.
دادا هيرو: أم البيشمركة ورفيقة النضال
في جبال كردستان، حيث خاضت البيشمركة معارك شرسة ضد الأنظمة القمعية، لم تكن هيرو خان مجرد مراقبة أو زوجة زعيم، بل كانت مناضلة تعيش البساطة ذاتها التي يعيشها المقاتلون. لُقبت بـ“دادا هيرو”، أي الأم هيرو، نظرًا لدورها الرعائي والإنساني، فقد كانت تقدم الدعم المعنوي واللوجستي للمقاتلين، وحرصت على تخفيف معاناتهم في ظل الحروب والحصار.
كانت تؤمن بأن المرأة قادرة على أن تكون فاعلة في كل المجالات، وليس مجرد عنصر داعم، ولهذا لم تكتفِ بالدور التقليدي، بل أصبحت جزءًا من صناعة القرار السياسي والعسكري في الحركة التحررية الكردستانية.
الريادة في الإعلام والمنظمات الإنسانية
لم يكن اهتمام هيرو إبراهيم أحمد بالنضال المسلح فقط، بل لعبت دورًا بارزًا في تأسيس الإعلام الكردي، حيث كانت من أوائل الداعمين لإنشاء مؤسسات إعلامية تخدم القضية الكردية وتنقل صوت الشعب إلى العالم. كما أسست منظمات إنسانية كانت مخصصة لخدمة النساء والأطفال، وسعت إلى تحسين ظروفهم في مخيمات النزوح وأثناء الأزمات.
كان لها دور محوري في تعزيز دور المرأة الكردية، حيث شجعت النساء على الانخراط في السياسة والإعلام والمجتمع المدني، إيمانًا منها بأن تحرر المجتمع لا يمكن أن يتحقق إلا بمشاركة فعالة من النساء. كما سعت إلى خلق فرص عمل للنساء وتوفير بيئة تدعم تعليم الفتيات، إدراكًا منها لأهمية دور المرأة المتعلمة في بناء مجتمع قوي.
دورها في التقريب بين الأطراف السياسية الكردية
إلى جانب نشاطها الإنساني، لعبت هيرو خان دورًا مهمًا في التقريب بين الفصائل السياسية الكردية، حيث كانت تؤمن بأن وحدة الصف الكردي هي السبيل الوحيد لتحقيق الاستقلال والحرية. ومن خلال علاقاتها الواسعة، حاولت دائمًا تخفيف حدة الخلافات الداخلية والعمل على تعزيز الحوار بين القوى المختلفة.
إرث نضالي مستمر
لا تزال هيرو إبراهيم أحمد تمثل رمزًا خالدًا للنضال النسوي الكردي، فقد ساهمت في تشكيل هوية المرأة الكردية المقاومة، وأثبتت أن المرأة ليست فقط داعمًا للرجل في المعركة، بل شريكًا أساسيًا في بناء المستقبل.
لقد كانت مثالًا للمرأة القوية والمثابرة، التي لم تنكفئ على ذاتها، بل خرجت إلى الميدان وعملت على تغيير واقع شعبها، واضعة بصمة واضحة في التاريخ الكردي. فقصتها ليست مجرد حكاية عن زوجة زعيم، بل هي ملحمة كفاح نسوي وسياسي، حيث صنعت لنفسها مكانة مستقلة كأحد أعمدة النضال التي حفرت اسمها بأحرف من نور في وجدان شعبها.
Copyright © 2020 Kirkuk Tv All Rights Reserved Designed And Developed By AVESTA GROUP