الانتفاضة محطة تاريخية ام مشروع مستمر؟

سوران الداوودي
11:16 - 2025-03-05

الانتفاضة محطة تاريخية ام مشروع مستمر؟
         سوران الدادودي
لم تكن انتفاضة 1991 مجرد لحظة تاريخية عابرة، بل كانت نقطة تحول حقيقية في مسيرة شعب كوردستان نحو الحرية والكرامة. لقد كسرت قيود الاستبداد، ورسخت قيم النضال ضد الظلم، وأسست لمرحلة جديدة من الحكم الذاتي والديمقراطية. واليوم، وبعد أكثر من ثلاثة عقود، تظل روح الانتفاضة حية، حيث يتحمل الجميع مسؤولية الحفاظ على مكتسباتها وتعزيزها من خلال الإصلاحات الحقيقية التي تضمن استمرارها كقوة تغيير إيجابية
ما تحقق من إنجازات بفضل انتفاضة 1991 ليس منحة، بل هو ثمرة تضحيات جسيمة قدمها أبناء كوردستان، الذين لم يتوانوا عن مقاومة الدكتاتورية رغم كل المخاطر. مكتسبات الانتفاضة أمانة، والحفاظ عليها واجب وطني يقع على عاتق الجميع، أفرادًا ومؤسسات، من خلال الالتزام بمبادئها والعمل على تعزيز أسس الحكم العادل والإدارة الرشيدة.
الانتفاضة لم تكن حدثًا مضى وانتهى، بل هي مسيرة مستمرة نحو العدالة والكرامة، تستمد شرعيتها من تضحيات الأجيال السابقة، وتجد طريقها في كل إصلاح يسهم في تحقيق تطلعات الشعب نحو مستقبل أكثر إشراقًا. إن استلهام روح الانتفاضة يعني مواجهة التحديات بنفس الإرادة التي كسرت قيد الاستبداد عام 1991، والعمل على تحقيق دولة قائمة على العدل والمساواة
الإصلاح استمرارٌ لروح الانتفاضة
الإصلاح الحقيقي هو الامتداد الطبيعي للانتفاضة، فبدون إصلاحات جذرية في مؤسسات الحكم، لا يمكن الحفاظ على المكتسبات التي تحققت. بإرادة الانتفاضة نُصلح، وبروحها ننهض، وهذا يتطلب الشفافية في الحكم، ومكافحة الفساد، وتعزيز دور المؤسسات الديمقراطية، وضمان حقوق المواطنين دون تمييز. فكما أسقطت الانتفاضة النظام الدكتاتوري، يجب أن يكون هدفها المستقبلي هو بناء نظام حكم قويو مستقر وعادل.
لعب الاتحاد الوطني الكوردستاني دورًا رئيسيًا في قيادة الانتفاضة، وكان مهندس نجاحها منذ اللحظة الأولى. واليوم، يظل مسؤولًا عن ضمان استمرار روحها من خلال العمل على تصحيح مسار الحكم، وإجراء إصلاحات حقيقية تعزز الديمقراطية والاستقرار. فالقوة الحقيقية لأي قيادة لا تكمن في استذكار الماضي فقط، بل في القدرة على تحويل مبادئ الانتفاضة إلى سياسات تعزز مصالح الشعب وتحقق تطلعاته.
إن مسيرة الانتفاضة مستمرة نحو حكم عادل وإصلاح حقيقي، فلا يمكن أن تبقى الانتصارات رمزية فقط، بل يجب أن تتحول إلى واقع ملموس يُشعر به المواطن في حياته اليومية. الإصلاحات الاقتصادية، تطوير التعليم، دعم الشباب، وضمان حقوق المرأة هي جميعها امتداد لرسالة الانتفاضة في بناء مجتمع متوازن وعادل.
لم تكن انتفاضة 1991 مجرد مواجهة عسكرية ضد الاستبداد، بل كانت منارة تهدي أجيال المستقبل نحو الحرية والعدالة. ولذلك، من الضروري أن يستمر العمل على نشر قيمها بين الأجيال القادمة، ليظل وهجها منيرًا لكل من يسعى لبناء كوردستان قوية ومزدهر.
لقد أثبتت انتفاضة 1991 أن إرادة الشعوب لا تُهزم، وأن التضحية من أجل الحرية تؤتي ثمارها مهما طال الزمن. واليوم، يواجه شعب كوردستان تحديات جديدة، لكن بإمكانه تجاوزها بروح الانتفاضة التي لا تزال حية في الحرية، والإصلاح، والعدالة. وكما انتصر الشعب في الماضي على الدكتاتورية، فإنه قادر اليوم على تعزيز الديمقراطية، وضمان العدالة، وبناء مستقبل يليق بتضحيات الأبطال الذين رسموا بدمائهم طريق الحرية. بروح الانتفاضة، نمضي بثقة نحو مستقبل أكثر عدلًا وحرية.

Copyright © 2020 Kirkuk Tv All Rights Reserved Designed And Developed By AVESTA GROUP