هل لازلنا بحاجة الى كارل ماركس

لهیب خلیل
16:23 - 2025-04-17

يعد الفيلسوف كارل ماركس بأنّه أحد أكثر الشخصيات تأثيراً في تاريخ البشرية وتعرضت أعماله الفلسفية للمدح والقدح اذ مهّد عمله كتاب رأس المال لخلق نظرياتٍ عديدة حول علاقة العمل برأس المال وتأثيره لازال على العديد من الشعوب والدول إضافة الى النقابات العمالية والفنانين والأحزاب السياسية في جميع أنحاء العالم حيث تأثروا بأفكاره وعملوا على تطويرها أو تكييفها مع مجتمعاتهم، ولازال ماركس وحتى بعد مرور قرن ونصف يعتبر أحد المهندسين المعماريين الرئيسين في علم الاجتماع الحديث. لا تزال أفكار كارل ماركس ذات صلة في تحليل العديد من القضايا المعاصرة، رغم أن تطبيقاتها تختلف حسب السياق. إليكم بعض الأمثلة التي توضح استمرار أهمية أفكاره:
١. نقد الرأسمالية واللا مساواة الاقتصادية : فقد رأى ماركس أن الرأسمالية تُنتج تفاوتًا طبقياً بين مالكي وسائل الإنتاج (البرجوازية) والعمال (البروليتاريا) الذين يبيعون قوة عملهم، فوفقًا لتقرير "أوكسفام 2023"، يملك 1% من سكان العالم **حوالي 45% من الثروة العالمية بينما يعيش مليارات الأشخاص في فقر مدقع.  
 ٢. أزمات الرأسمالية الدورية : حذّر ماركس من أن الرأسمالية ستواجه أزمات دورية بسبب التناقض بين زيادة الإنتاج وتراجع القوة الشرائية للعمال.، فالأزمة المالية العالمية (2008) التي نتجت عن المضاربات المالية وغياب الرقابة، ما أدى إلى انهيار اقتصادي وارتفاع البطالة ، أزمات التضخم الحادة (مثل أزمة تكاليف المعيشة في 2022-2023) التي تُظهر فجوة بين نمو الأرباح الرأسمالية وتراجع قدرة العمال على تلبية احتياجاتهم الأساسية.
٣. استغلال وسرقة الطبيعة والكارثة البيئية : ناقش ماركس أن الرأسمالية تُحوّل الطبيعة إلى سلعة، مما يؤدي إلى استنزاف الموارد ومنها أزمة التغير المناخي الناتجة عن استغلال الشركات الكبرى للموارد الطبيعية (مثل إزالة الغابات والتلوث) لتعظيم الأرباح، دون مراعاة العواقب البيئية ، الراسمالية لا تتعامل بعدالة مناخية ولا بيئية   
4. الاغتراب في عالم العمل الحديث: وضع ماركس يده على أساس المشكلة في هذه النقطة فقد تحدث عن "اغتراب العامل" عندما يُحرم من الإبداع والسيطرة على عمله. موظفو الشركات التكنولوجية أو مراكز الاتصال الذين يعملون ساعات طويلة في مهام روتينية دون إحساس بالملكية أو الإنجاز. انتشار "الوظائف الهامشية" (مثل العمل عبر المنصات الرقمية) التي تحوّل العمال إلى أرقام في خوارزميات، ما يعمق شعورهم بالعزلة.
٥. الصراعات الاجتماعية والحركات الاحتجاجية : يؤكد ماركس ان الصراع الطبقي محرك للتغيير التاريخي، مثلا حركات مثل "احتلوا وول ستريت" (2011) و"المظاهرات ضد تقشف الحكومات" التي رفعت شعارات ضد هيمنة الرأسمالية المالية.  
  - الإضرابات العمالية في قطاعات مثل النقل والخدمات الصحية (مثال: إضرابات الممرضين في بريطانيا 2022-2023) للمطالبة بتحسين الأجور والظروف.
من جانب اخر يُوجه لماركس انتقادات مثل:
1. فشل تطبيق الاشتراكية في دول مثل الاتحاد السوفيتي، حيث تحوّلت إلى أنظمة سلطوية.
2. تعقيد الاقتصادات الحديثة التي لا تقتصر على ثنائية "البرجوازية والبروليتاريا".
3. تجاهل العوامل الثقافية والدينية في تحليل الصراعات الاجتماعية.
ماركس ليس "حلاً سحرياً"، لكن أدواته النقدية تظل مفيدة لفهم:
- آلية استغلال العمال في ظل العولمة.
- جذور الأزمات الاقتصادية والبيئية.
- ديناميكيات القوة بين الشركات العملاقة (مثل أمازون أو تسلا) والعمال والمستهلكين.
ولذلك يمكننا القول إننا بحاجة إلى ماركس كناقد للرأسمالية، حتى لو اختلفنا مع حلوله السياسية  وستبقى الحاجة للماركسية ما دامت الراسمالية موجودة وتتحكم في العالم ..

Copyright © 2020 Kirkuk Tv All Rights Reserved Designed And Developed By AVESTA GROUP