يشهد الاتحاد الوطني الكردستاني مرحلة مفصلية من تاريخه السياسي، تتجاوز حدود التغييرات الشكلية وتدوير المناصب داخل المؤسسة الحزبية، لتصل إلى عمق البنية التنظيمية والفكرية للحزب. هذه المرحلة لا تأتي كردّ فعلٍ على ضغوط ظرفية أو أزمات آنية، بل هي جزء من عملية تجديد مستمرة تهدف إلى تكييف الحزب مع متغيرات العصر دون التفريط بالثوابت التي تأسس عليها قبل نصف قرن.
ما يميّز هذه المرحلة أن التجديد فيها ليس قرارًا فوقيًا مؤقتًا، بل عملية واعية وشاملة تعيد صياغة دور الحزب في الحياة السياسية الكردستانية والعراقية بشكل عام. فالاتحاد الوطني الكردستاني لا يسعى فقط إلى إعادة ترتيب صفوفه، بل إلى خلق مزيج متوازن بين قيادات شبابية واعدة تملك رؤية معاصرة، وقيادات مخضرمة تمتلك التجربة والحنكة السياسية التي راكمتها على مدى عقود.
هذا التجانس بين الأجيال ليس مجرد خيار تنظيمي، بل ضرورة وجودية في لحظة تاريخية بالغة الحساسية. فعلى الصعيد الكردي الداخلي، تمر الساحة بحالة من الترقب والترنح بين رؤى مستقبلية متباينة واصطفافات غير مستقرة، بينما تبدو الأوضاع الإقليمية والدولية أكثر تعقيدًا، مع غموض في التوازنات وتحولات في المواقف.
ورغم الضغوط المتزايدة، يصرّ الاتحاد الوطني الكردستاني على المضي بخطى ثابتة ومدروسة نحو مرحلة سياسية جديدة، تكون أكثر انفتاحًا على المجتمع، وأقرب إلى هموم الشباب، وأكثر قدرة على التفاعل مع متطلبات الحاضر دون أن تقطع مع تاريخها النضالي العريق. فالحزب لا يتخلى عن هويته، بل يعمل على تطويرها بما يتلاءم مع روح الزمن.
إن هذا التحول، وإن كان يسير بحذر، إلا أنه يحمل في طياته مشروعًا وطنيًا طموحًا لإعادة تعريف دور الأحزاب الكردية في بناء نموذج حكم ديمقراطي واقعي ومستدام في الإقليم، بعيدًا عن الاستقطابات العقيمة والانقسامات التقليدية.
قد يكون الطريق طويلًا ومليئًا بالتحديات، لكن وضوح الرؤية وصدق الإرادة السياسية في الاتحاد الوطني الكردستاني يجعلان من مشروع التجديد هذا فرصة حقيقية لانبعاث حزب كان، ولا يزال العمود الأساسي في الحركة الوطنية الكردية.
Copyright © 2020 Kirkuk Tv All Rights Reserved Designed And Developed By AVESTA GROUP