العراق مابعد مام جلال
بقلم مصطفى السورجي
جلال الطالباني او مام جلال كما يلقبه الكثير من الكورد او انصاره ومن المحبين وهم في الحقيقة كثر. تميز مام جلال بحنكته و دبلوماسيته المتميزة والتي المبنية على أساس التسامح حتى مع اعدائه وخصومه والبعد عن المصادمات بين إفراد الشعب.والجدير بالذكر هو عدم توقيع عقوبة الإعدام على الرئيس الأسبق صدام حسين والذي يعتبر من اشد خصومه وسبق وحكم على مام جلال بعقوبة حرمانه من ماء دجله في اواخر الثمانينات. والحقيقة ان مام جلال وخلال فتراته الرئاسية تمكن من خلق توازن دولي وأقليمي وسياسة واضحة وشفافة. خاصة وفي ظل تلك الظروف الصعبة التي كان يعيشها العراق في سنوات ٢٠٠٦ و٢٠٠٧ من حرب طائفية وتدخلات اقليميه.
عندما شغل مام جلال منصب رئيس الجمهورية كان العراق قد بدأ في بناء علاقة جديدة و محترمه مع دول الجوار وخاصة الخليج العربي. ومن خلال رحلاته إلى أوروبا ولقائه بكثير من أزعماء و سياسة الدول الأوربية. ففي تلك المرحلة بدأت أوروبا بإعادة الثقة بالعراق من جديد وتكلل ذلك بعقد صفقة السلاح مع المانيا والتي كان عرابها الرئيس مام جلال بعد ما رفضت معظم الدول مساعدة العراق و مدها بالسلاح كي تواجه الإرهاب في حربها المفتوحة مع القاعدة واخواتها في تلك الفترة. وكانت تلك ، أي صفقة السلاح، أولى الخطوات التي قام بها مام جلال لارجاع العراق الي المجتمع الدولي مرة أخرى.
اما على صعيد الشأن الداخلي فقد كان مام جلال ضد الطائفية وقد عمل على منع الكثير من الخروقات التي كانت تزيد من المشاحنات بين طوائف الشعب. فقد كان اول زعيم كوردي معارض يلتقي بكبار العشائر العراقية في كركوك وحزام تكريت والتي كانت معروفه بولائها للنظام السابق. بادر مام جلال اليهم وكان هو الضامن الوحيد لهم من اي اعتداء بغرض الانتقام أو التشفي. وهو بهذا الشكل منع كركوك المعروفة بتعددها القومي و المذهبي من الانزلاق في رمال الحرب الطائفية المتحركة والتي تحرق اكثر مدن العراق وخاصة الغربية منها. و ان الولايات المتحدة الامريكة وبالاخص الرئيس بايدن
كانوا ينظرون الى شخص الرئيس العراقي مام جلال كصمام الأمان والذي من خلاله تخلص العراق العراق من الكثير من المشاكل والتي كانت قد تدخل البلد نفقا مربعا وحربا لا طائل منها سوى الخراب.
وان من الواضح والذي لا يختلف عليه اثنان ان وجود مام جلال كان التوازن الحقيقي الذي منع دخول العراق في معسكر ما بالضد من معسكر الاخر. ورغم الظروف الصعبة التي كانت في فتره رئاسته الا انه استطاع من خلق توازن في علاقته الخارجية بين مع امريكا و ايران. وكانت كلى الدوليتين تكن له كل الاحترام ولم تتدخل بصورة مباشره في شؤون العراق. وقد نجح الرئيس مام جلال في منع العراق بالانحياز لجهة معينة وهو بذالك منع ممارسه الضغط على العراق من قبل اي طرف على حساب الطرف الأخر.
ان سياسة مام جلال كانت واضحة وهي الوقوف على مسافة واحدة من الجميع. فالجميع أصدقائنا والعراق بلد للأصدقاء فقط. هذه كانت سياسة مام جلال وهو أراد للعراق بان تكون نموذج لدول عدم الانحياز أبان حرب العالمية الثانية والحرب الباردة لانه يعلم ان الشرق الأوسط منطقة صعبه وإذا ما اختار العراق عدم التحييد أو مجاراة طرف ما فسوف يقع في المحظور وقد يكون من الصعب الخروج من هذا المحظور. لذى قرر ابقاء الاحترام للجميع مع التركيز على بناء العراق من الداخل ومنع أي مشاحنات طائفية أو قوميه بين ابناء الشعب، ولاريب في ذالك فهو كان يريد ان يرسل رسالته لابناء الشعب بان العراق الجديد هو عراق لامكان للعنصرية فيه.
ومن الطريف ان مام جلال كان يطلق النكات الساخرة حتى على نفسه بغرض ان يفهم الناس ان الديمقراطية هي حكم الشعب ولاوجود فيه للقائد الأوحد. حيث ان زمن الرئيس الواحد ذو السيف الواحد قد انتهى وحان وقت للتطور الفكري قبل كل شيء والتقدم كي تصبح البلاد في صفوف الدول المتقدمة.
لكن بعد رحيل هذا القائد دخل العراق في ما كان يحذر منه وآخذ الوضع يأخذ منحاً اخر من السوء والزيادة في الشرخ بين ابناء الشعب وان الرقعة أو الفجوة بين الحكومة والشعب تزداد كل يوم بل كل دقيقة. دونما حل أو مبادرة من أي شخص. فلا عجب فقد رحل صمام الأمان ومن كان يفكر ويحظى باحترام الجميع. ومازلت وكما حال الكثير من العراقيين أسأل... يا ترى لو كان مازال مام جلال بيننا كيف كان ليخرج العراق من هذا المأزق ؟
Copyright © 2020 Kirkuk Tv All Rights Reserved Designed And Developed By AVESTA GROUP