ارازو باشا
ان السلوك السياسي للافراد هو أحد مظاهر سلوكهم الاجتماعي، ولذلك تعتبر التنشئة الاجتماعية العامل الأساسي من بين عدة عوامل أخرى على هذا السلوك للافراد وعلى ميولهم وقراراتهم في اختيار المرشحين . فكل فرد من افراد المجتمع يمارس السياسة بطريقة او باخرى وبصورة ارادية او غير ارادية في كل يوم من حياته، وأن من أبرز هذه الممارسات هي مشاركته في التصويت في الانتخابات التي سيتشكل على أساسه السياسة العامة للمجتمع .
لذلك يكون من المهم دراسة العوامل المتعددة والمختلفة التي تؤثر على هذا النشاط الاجتماعي في هذه المقالة نركز على تأثير التنشئة على السلوك السياسي
ان تباين ميول الأفراد إلى الاتجاهات والاحزاب والأشخاص والتيارات السياسية المعتدلة او إلى تلك الراديكالية او اليمينية او اليسارية المتطرفة تتاثر إلى حد واضح بنمط التنشئة التي تلقاها الفرد في طفولته من قبل اول وأصغر وحدة اجتماعية متمثلة بالاسرة ، ومن بعدها المدرسة باعتبارها أولى المؤسسات الاجتماعية الرسمية التي يحتك بها الفرد، فالافراد الذين نشأو في أسر مستقرة وتلقو تنشئة معتدلة وسوية ومستدامة غالبا ما يميلون إلى العقلانية والاعتدال في اختيار الجهات والتيارات السياسية المعتدلة في الانتخابات وبما يمثل مصالحهم بغض النظر عن الانتماءات القومية والعنصرية والعرقية الثانوية ، بخلاف الأفراد الذين نشأو في أسر غير مستقرة لم توفر لهم الأمان النفسي وغلب على نشئتهم طابع العصبية وعدم الاعتدال فهم يميلون إلى الجهات والتيارات الفكرية و السياسية غير المعتدلة وإن لم تمثل مصالحهم .
إذاً التنشئة المعتدلة الصحية تنتج سلوكا وفكرا سياسيا معتدلا للافراد مما يعطي دورا للتيارات والجهات المعتدلة في المجتمع وبالتالي رسم سياسات عقلانية للمجتمع ومما يؤدي إلى تطوره وازدهاره .
اما عن دور المدرسة باعتبارها أولى المؤسسات الاجتماعية الرسمية التي يحتك بها الفرد في حياته وتؤثر في وجهة نظره وفهمه مستقبلا للدولة والسلطة والحكم والنظام السياسي ومؤسساتها، في هذه المؤسسة الرسمية يتعرف الفرد لأول مرة على العلاقات الاجتماعية الأفقية مع زملائه واقرانه من التلاميذ وكذلك على العلاقات العمودية مع المعلمين وإدارة المدرسة والتسلسل الهرمي للسلطات والوظائف.
فمثلا عدالة الإدارة وموضوعيتها في التعامل مع التلاميذ دون تمييز او تفضيل وذلك باعطاء البعض منهم صلاحيات تمييزهم عن اقرانهم لاعتبارات غير مبررة تربويا ورسميا تؤثر بصورة سلبية على وجهة نظره للنظام السياسي مستقبلا وفي سلوكه السياسي، وكذلك فلنوعية العلاقة الأفقية دور كبير في هذه المسألة، فإن حرص إدارة المدرسة على نبذ العنف والعصبية بين التلاميذ في تعاملهم مع اقرانهم باعتباره سلوك غير مجدي وتعويدهم على الاعتدال في التعامل فيما بينهم وعلى أهمية كل فرد لذاته وغرس أساليب القبول للاخرين وبث روح السلم والاعتدال يؤثر في آخر المطاف على قرار الفرد في الاختيار العقلاني والمحايد لمن يمثله في الشؤون السياسية .
Copyright © 2020 Kirkuk Tv All Rights Reserved Designed And Developed By AVESTA GROUP