كثيرا ما تقترن اسماء المدن وتوصف بما تنتجه تبعا لعوامل جغرافية او مناخية او غيرها من العوامل ، لذلك من الطبيعي ان يقترن اسم هذه المدينة بالثقافة بسبب إنتاجها الفكري الغزير والمتواتر عبر الاجيال.
لذلك أرى انه من المجدي تسليط الضوء على تلك العوامل الاجتماعية التي ادت إلى أن يقترن اسم هذه المدينة بهذه الصفة وهذا المنتج الفكري للأخذ بها انموذجا في تنشئة اجتماعية كردية متمدنة خالصة وبعيدة عن التعصب والتقوقع في ذات الوقت وتطبيقها على جميع المجتمعات والمدن الكردستانية.
من خلال دراستي التاريخية وكذلك مشاهدتي الميدانية لهذا التجمع البشري التمست نجاحا لهذا المجتمع في خلق حالة من التوازن السلس بين الموروث الاجتماعي من العادات والتقاليد الرصينة الراسخة وبعيدا عن التعصب من جهة وبين التمدن والحداتة بعيدا عن الانسلاخ الاجتماعي والتخلي عن الهوية التاريخية المتوارثة من جهة أخرى ، بعبارة أخرى لاحظت نجاحهم في الاندماج بالعالم المعاصر مع الاحتفاظ بالخصائص القومية الكردية المتوارثة وخلق نموذج لمجتمع كردي متحضر ومتمدن ومنفتح على العالم المعاصر.
في علم الاجتماع هناك معادلة صعبة ومعقدة قلما ما نجد توازنا لها في أغلب المجتمعات الا وهي الصراع بين مفهومين اجتماعين متضادين، مفهوم ( ثقافة نحن ) والذي يكون فيه الجماعة هي المحور الأساسي وتربط الفرد بقوة بالمجتمع وتقييد تفكيره و سلوكه . ومفهوم اخر وهو مفهوم (ثقافة انا ) حيث يكون الفرد هو المحور هنا والذي يطلق العنان لحرية تفكير الفرد و سلوكه . ففي هذا المجتمع نلمس هذا التوازن إلى حد مرض وفعال كان اثرها نتاجا فكريا متوازنا غير متطرف ساعد على قبولها اجتماعيا لملائمتها الذوق والأخلاق العامة مما أدى إلى استمراريتها و ديمومتها عبر الاجيال .
•لذلك اقول مجدداً بضرورة دراسة كل تلك العوامل الكامنة وراء هذه الظاهرة الايجابية ودراستها دراسة منهجية وعلمية ومفصلة لاستخلاص الأسباب وطرق تطبيقها بصورة ممنهجة في إيجاد نظام لتنشئة اجتماعية تطبق في جميع المدن والمجتمعات الكردستانية .
Copyright © 2020 Kirkuk Tv All Rights Reserved Designed And Developed By AVESTA GROUP