عرض كتاب "تعدد الأديان وأنظمة الحكم" لجورج قرم

ومما جاء في مقدمة الكتاب :
وضعت هذه الدراسة حول «تعدّد الأديان وأنظمة الحكم» في أواسط الستينيات فيما كان لبنان يتمتع بازدهار مادي وسياسي قلّ مثيله في ذلك الحين في المجتمعات العربية وفي العالم الثالث. فوتيرة النمو الاقتصادي فيه كانت عالية جداً؛ كما أن الأحزاب العلمانية الطابع كانت تغزو الساحة السياسية اللبنانية وتجلب أعداداً هائلة ومتزايدة من الجيل الشاب فيها. وكان الكثير من أصدقائي يستغربون انكبابي، بشكل حماسي ومتواصل، على البحث في أصول الطائفية وغوصي العميق في الاجتهادات الدينية والمذهبية، وذلك بدلاً من الانخراط في أحد تلك الأحزاب العلمانية والتحررية الادعاء. فكان الاعتقاد السائد لدى فئات واسعة من المفكرين في تلك الأيام، أن النظام الطائفي اللبناني على حافة الاحتضار والانهيار، فلا حاجة فعلية إلى هدر الطاقات في دراسة ظاهرة الطائفية. 
وقد كان للاتجاهات الماركسية في الفكر اللبناني والعربي أثر بالغ في هذا الاستخفاف بقابلية النظام الطائفي للصمود والدفاع الشرس عن مصالحه أمام موجة التحديث العارمة التي كان يعرفها لبنان منذ بداية القرن والتي برزت آثارها المتعددة في كل جوانب الحياة العامة والخاصة، من سياسية وفنية وأدبية وفكرية. ولقد كرّستُ حينذاك أربع سنوات من عمري في دراسة جذور النظام الطائفي منذ العهود القديمة وحتى بروز الظاهرة الصهيونية وتكريسها في قلب الوطن العربي لأعبّر عن مدى قلقي إزاء إمكانية قيام ردة فعلٍ قوية وعنيفة ضد موجة التحديث هذه بكل هفواتها ونقصها، تأتي من عمق المجتمع الطائفي متلقية دعم القوى الخارجية المختلفة التي تعمل ضد تحديث الوطن العربي تحديثاً شاملاً يمكّنه من التخلص من الظاهرة الصهيونية ومن الطائفيات والعشائريات العربية المختلفة. وقد ختمت دراستي هذه في بداية صيف 1969 منبّهاً بما لا لبس فيه، واستناداً إلى نتائج بحثي التاريخي الطويل، إلى أنّنا أصبحنا في لبنان، وربما على صعيد المنطقة العربية ككل، على أبواب فِتن طائفية جديدة لا تقل خطورة عن الفتنة الحاصلة في القرن الماضي في جبل لبنان ثم في مدينة دمشق بين 1840 و1862..
اهم ما جاء في كتاب "تعدد الأديان وأنظمة الحكم"حيث يطرح المفكر والاقتصادي اللبناني جورج قرم عدة أفكار محورية حول العلاقة بين الدين والسياسة والحكم، خاصة في سياق المجتمعات متعددة الأديان والطوائف. ومنها :ـ نقد الطائفية السياسية حيث يقدم قرم نقداً عميقاً لنظام الطائفية السياسية، خاصة في لبنان، ويرى أنها تعيق بناء الدولة المدنية الحديثة اذ يوضح قرم أن تقسيم السلطة على أساس طائفي يؤدي إلى إضعاف مفهوم المواطنة وتقوية الولاءات الفرعية على حساب الولاء للوطن.
 الفصل بين الدين والدولة:ـ يدعو قرم إلى ضرورة الفصل بين الدين والدولة كشرط أساسي لبناء دولة مدنية حديثة تحترم التعددية فهو يرى أن الدين شأن شخصي، وأن الدولة يجب أن تكون محايدة تجاه جميع المعتقدات الدينية، مع ضمان حرية ممارسة الشعائر للجميع.
نقد استخدام الدين كأداة سياسية:ـ ينتقد قرم توظيف الدين في الصراعات السياسية واستخدامه كأداة للوصول إلى السلطة أو الاحتفاظ بها  لذلك يشرح كيف يتم استغلال المشاعر الدينية لتعبئة الجماهير وتحقيق مكاسب سياسية، مما يؤدي إلى تشويه الدين وتحويله من قيم روحية وأخلاقية إلى أداة للصراع.
 تأثير العولمة على الهويات الدينية:ـ يناقش قرم تأثير العولمة على الهويات الدينية والثقافية والصراعات الناتجة عنها لانه يرى أن العولمة أدت إلى ردود فعل دفاعية لدى بعض المجتمعات في شكل التشبث بالهويات الدينية والتقليدية كنوع من المقاومة الثقافية.
المواطنة كأساس للدولة الحديثة:ـ يطرح قرم مفهوم المواطنة كبديل عن الانتماءات الطائفية والدينية في بناء الدولة الحديثة ،لانه يرى أن المواطنة تقوم على المساواة في الحقوق والواجبات بغض النظر عن الانتماء الديني أو العرقي، وهي ضرورية لبناء دولة تحترم التعددية.
 التعددية الثقافية والدينية كثراء فكري انساني وهو اللبنة الأولى في سلم التنمية الاقتصادية اذ يعتبر قرم أن التعددية الثقافية والدينية ليست مصدر صراع بالضرورة، بل يمكن أن تكون مصدر ثراء وقوة للمجتمع ويشدد على أن التنوع الديني والثقافي يمكن أن يكون عاملاً إيجابياً إذا تم استثماره بشكل صحيح في إطار دولة مدنية تحترم هذا التنوع 
إعادة قراءة التاريخ الديني :ـ يدعو قرم إلى إعادة قراءة التاريخ الديني بعيداً عن التفسيرات المتطرفة أو الأيديولوجية، ويشدد على ضرورة فهم النصوص الدينية في سياقها التاريخي والثقافي، والتمييز بين الجوهر الروحي للدين وبين التفسيرات السياسية التي قد تشوهه.

دور المثقفين في مواجهة التطرف:ـ يؤكد قرم على دور المثقفين والمفكرين في مواجهة التطرف الديني والطائفية السياسية فهو يرى أن المثقفين يتحملون مسؤولية توعية المجتمع بمخاطر التطرف والطائفية، وتقديم رؤى بديلة تقوم على التسامح والحوار.هذه الأفكار تمثل جوهر طرح جورج قرم في كتابه الذي كان قراءة للمستقبل العربي والإسلامي ولكن من يقراء  .