في الذكرى الخمسين لتأسيسه: الاتحاد الوطني الكردستاني بين الإرث التاريخي والتحديات المستقبلية

د. شيلان فتحي
18:22 - 2025-05-27

 

في الاول من حزيران 2025، يُحيي الاتحاد الوطني الكردستاني الذكرى الخمسين لتأسيسه، وهذه مناسبة تاريخية تجسد مسيرة نضالية غنية بالتضحيات، والإنجازات السياسية، والتحولات الجوهرية في واقع القضية الكردية. خمسون عاماً من العمل السياسي والكفاح المسلح، من التفاوض والمواجهة، من البناء والإصلاح، تضع الحزب أمام مسؤولية مضاعفة: الحفاظ على الإرث وتصحيح و تطوير المسار.

محطات من نور في مسيرة الحزب
منذ تأسيسه عام 1975 بقيادة الزعيم الراحل مام جلال طالباني و رفاقه شكّل الاتحاد الوطني الكردستاني دعامة أساسية للنضال الوطني الكردستاني و النضال الديمقراطي في العراق ، ومعبّراً صادقاً عن تطلعات الشعب الكردي في الحرية والكرامة. وقد اتسمت مسيرته بمواقف استراتيجية ذات بعد وطني يتجاوز حدود كردستان، حيث لعب دوراً محورياً في إسقاط النظام الدكتاتوري، والمشاركة الفاعلة في إعادة بناء العراق الاتحادي الجديد.

ومن أبرز محطات الحزب النضالية قيادته للثورة المسلحة الشاملة ضد النظام البعثي ، وتنسيقه مع احزاب و تيارات  المعارضة العراقية .
مشاركته الفاعلة في الانتفاضة الكردستانية عام 1991 وتحريره كردستان من رجس النظام الصدامي و حيث قدم بهذا العمل النضالي دعماً معنويا للانتفاضة الشعبانية للمحافظات الجنوبية المنتفضة، في لحظة وطنية نادرة من وحدة المصير بين مكونات الشعب العراقي.
وايضاً هناك دوره السياسي والدبلوماسي في تعبئة الرأي العام الدولي ضد جرائم النظام، خصوصاً بعد حملات الأنفال، وقصف حلبجة بالسلاح الكيميائي. ودوره الديمقراطي في بناء التجربة البرلمانية في كردستان و حكومة اقليم كردستان.
وبعد تحرير البلاد من رجس النظام البعثي جدد الاتحاد فاعليته السياسية مساهمته الأساسية في كتابة الدستور العراقي الدائم عام 2005، والذي كرّس الفيدرالية كصيغة سياسية عادلة، ومثل انتصاراً كبيراً للمكونات القومية والدينية في العراق.
تسلم الراحل مام جلال منصب رئيس الجمهورية (2005-2014)، ما شكّل تتويجاً لمسيرة نضال وطني، ونقلة نوعية في مفهوم الشراكة السياسية والتمثيل الكردي داخل الدولة العراقية.
مسؤوليات المرحلة القادمة
رغم هذه الإنجازات، فإن المرحلة المقبلة تفرض على الاتحاد الوطني الكردستاني مراجعة شاملة لأدواته، وتعزيز جاهزيته لمواجهة متغيرات الداخل والخارج. فما يشهده الإقليم من تحديات سياسية واقتصادية، وما تواجهه القضية الكردية من تعقيدات إقليمية ودولية، يتطلب موقفاً أكثر ديناميكية ووعياً استراتيجياً.

ومن هنا، فإن المهام التي تقع على عاتق الاتحاد الوطني اليوم في ظل قيادة الرئيس بافل جلال طالباني تتجسد في:

إعادة بناء الثقة مع المواطنين من خلال تصحيح مسار الحكم وتقديم نموذج شفاف في الحكم والإدارة.
تفعيل دور الشباب والمرأة في مراكز القرار، بما يعيد ضخ الحيوية إلى مؤسسات الحزب.
استكمال مشروع الإصلاح الشامل داخل مؤسسات الإقليم، خصوصاً في القطاعات الحيوية كالتعليم والصحة والخدمات.
تعزيز وحدة الصف الكردي، من خلال تنسيق أعمق مع الأحزاب الكردية الأخرى، والعمل على بناء رؤية استراتيجية مشتركة لمستقبل الإقليم.
الحفاظ على مكانة كردستان داخل العراق الاتحادي، عبر الدفاع عن الحقوق الدستورية، وترسيخ مبدأ الشراكة الحقيقية مع بغداد.
خمسون عاماً من النضال… وخمسون عاماً من الأمل
إن الذكرى الخمسين لتأسيس الاتحاد الوطني الكردستاني ليست مناسبة للاحتفال فقط، بل هي لحظة مراجعة واستعداد لمرحلة جديدة. وما بين شرف النضال التاريخي ومسؤولية الحاضر، يقع الرهان على أن يتحول الحزب إلى مؤسسة وطنية متجددة تحمل مشروعاً يعيد الأمل لشعب كردستان ويصون وحدة العراق على أسس العدل والدستور.

فالوطنية التي آمن بها الاتحاد الوطني، منذ تأسيسه، لم تكن شعاراً عابراً، بل خياراً ثابتاً، دفع من أجله قادته ومناضلوه ثمناً غالياً، وسيواصل الوفاء به نحو بناء كردستان مزدهرة، ديمقراطية، مستقرة، ضمن عراق تعددي حر.

Copyright © 2020 Kirkuk Tv All Rights Reserved Designed And Developed By AVESTA GROUP