بين أربيل وبغداد، لا تزال الخلافات السياسية والقانونية تشقّ طريقها على حساب أضعف حلقة في هذه المعادلة: المواطن.
ذلك المواطن الكردي الذي يستيقظ كل صباح ليذهب إلى وظيفته، ويؤدي واجبه على أتم وجه، كما يفعل زميله في البصرة والنجف والأنبار… لكنه، ولأسباب لا يد له فيها، يعود إلى بيته صفر اليدين، مثقلاً بالديون، مكسور الخاطر، حائر النظرة في عيون أطفاله.
فما ذنبه؟
أهو من كتب بنود الدستور المختلف عليه؟
أهو من أدار المفاوضات السياسية وفشل في الوصول إلى حل؟
أهو من قرر أن تبقى أبواب الحلول موصدة، والمواقف متصلّبة، والرواتب معلّقة فوق مشنقة الخلافات؟
لا، لم يفعل شيئًا من هذا كله.
هو فقط مواطن عراقي… شاءت الجغرافيا أن يكون في إقليم كردستان، لكنه يحمل ذات الهوية، ويدفع ذات الضرائب، ويؤمن بذات الوطن.
فلماذا يُحرم من راتبه؟
لماذا يُحرم المتقاعد الذي أفنى عمره في خدمة الدولة من حقّه في العيش بكرامة؟
لماذا يُعاقب الموظف لأنه يعيش في محافظة لديها نفط أو منافذ أو نزاع سياسي؟
نحن لا نطلب من الحكومة أن تتنازل عن مبادئها، ولا أن تتجاهل الخلافات الدستورية،
لكننا نطلب منها أن تتذكر الإنسان قبل النصوص،
أن ترى وجه الأب العاجز عن شراء حليب لطفله قبل أن ترى التقارير القانونية،
أن تُفرّق بين خلافها مع الإقليم… وبين واجبها تجاه المواطن.
إن ما يقع من مسؤولية على حكومة الإقليم، يقع بالقدر نفسه، وربما أكثر، على الحكومة الاتحادية.
فهي “الأم” الدستورية لهذا الشعب، كلّه،
وهي التي تملك مفاتيح الحل، ومقدرة العدل.
الراتب ليس منّة.
الراتب ليس ورقة ضغط.
الراتب حقّ.
ومَن يُحرم من حقّه، تُهدَر كرامته، وتُطعن مواطنته في الصميم.
أطلقوا رواتب الإقليم.
افصلوا قوت الناس عن صراعات السياسة.
فلا دولة تُبنى على حساب الجياع… ولا وطن يستقرّ إذا ما جاع جزء منه
Copyright © 2020 Kirkuk Tv All Rights Reserved Designed And Developed By AVESTA GROUP