بافل جلال طالباني إلى بغداد: حین یتقدم الحل على الخلافات

سوران الداوودي
11:02 - 2025-07-16

 بافل جلال طالباني إلى بغداد: حین یتقدم الحل على الخلافات                                    
 سوران الداودي
في خطوة سياسية محسوبة تعكس رؤية الاتحاد الوطني الكردستاني في الحفاظ على علاقات إيجابية وقوية مع بغداد، وصل رئيس الاتحاد الوطني الكردستاني، بافل جلال طالباني، إلى العاصمة العراقية بغداد في زيارة تحمل أبعادًا سياسية وإدارية في آن واحد، وذلك بعد يوم واحد فقط من الاجتماع الثنائي الذي جمع قيادة الاتحاد الوطني بالحزب الديمقراطي الكردستاني، والذي خرج بموقف موحد داعم لهذه الزيارة.
تتركز محاور زيارة طالباني بشكل رئيسي على إيجاد مخرج قانوني ودستوري لأزمة رواتب موظفي إقليم كردستان والمتقاعدين، وهي الأزمة التي تحوّلت خلال الأشهر الماضية إلى واحدة من أبرز التحديات أمام حكومة الإقليم، بعد أن وصلت جهودها التفاوضية مع بغداد إلى طريق مسدود وفشلت كل المحاولات السابقة في تحقيق نتائج ملموسة.
دور خاص ومؤثر لبافل طالباني
ويبدو واضحًا أن حضور بافل طالباني إلى بغداد جاء في لحظة سياسية حساسة، وبعد قناعة لدى الكثيرين بأن المعالجات التقليدية لم تعد مجدية، وأنه لا بد من اللجوء إلى قنوات سياسية أكثر تأثيرًا وفاعلية.
من هنا، يأتي تحرّك رئيس الاتحاد الوطني ضمن هذا السياق، باعتباره صاحب نفوذ سياسي الاوسع في بغداد وعلاقات مؤثرة مع القوى الأساسية في المشهد العراقي. فبافل طالباني يحاول استثمار هذا الرصيد السياسي في خدمة الموظفين والمتقاعدين في كردستان، واضعًا المصلحة العامة فوق أي حسابات حزبية أو فئوية ضيقة.
من اللافت أن زيارة طالباني حظيت بمساندة الحزب الديمقراطي الكردستاني، ما يعكس نوعًا من التفاهم الداخلي بين القوى الكردية، ولو مرحليًا، تجاه قضية الرواتب تحديدًا. وهي رسالة تعني أن كردستان، رغم تباين التوجهات السياسية لأحزابه، يقف صفًا واحدًا حين يتعلق الأمر بحقوق المواطنين.
هذا الموقف يعكس رغبة واضحة في تجاوز الخلافات البينية، والتعامل مع بغداد من بوابة المصلحة الوطنية المشتركة، وليس من منطلقات حزبية محدودة.
لطالما تبنّى الاتحاد الوطني الكردستاني سياسة الانفتاح والحوار مع الحكومة الاتحادية، وهي رؤية تعززها هذه الزيارة التي لا تنحصر في الجوانب المالية فحسب، بل تشمل ملفات أوسع تتعلق بتطبيق الدستور وتقاسم السلطات وضمان الحقوق الدستورية لمواطني الإقليم        

إلا أن التركيز الآن يبقى على الرواتب، باعتبارها الملف الأكثر إلحاحًا على المستوى الشعبي، وباعتبار أن إيجاد حل قانوني لها سيفتح الطريق أمام معالجة بقية الملفات العالقة.
المؤشرات الأولية تشير إلى وجود استعداد لدى بغداد للنظر بجدية في المقترحات التي يحملها طالباني، خاصة إذا ما جاءت بصيغة قانونية واضحة تحظى بتوافق سياسي وبرلماني
ومع ذلك، فإن الأمر يحتاج إلى جهود إضافية وضمانات متبادلة، كي لا يتكرر مشهد الأزمات المتكررة التي تعيشها العلاقة بين أربيل وبغداد.
زيارة بافل جلال طالباني إلى بغداد ليست تحركًا بروتوكوليًا عابرًا، بل تعكس نهجًا سياسيًا يؤمن بأن قوة كردستان لا تكون في عزلتها، بل في شراكة متوازنة مع الحكومة الاتحادية، تحفظ الحقوق وتراعي التوازنات، دون أن يتنازل أي طرف عن ثوابته.
إنها محاولة جدية لإعادة بناء الثقة بين الطرفين، وحل واحدة من أكثر القضايا إلحاحًا في الشارع الكردي، عبر استثمار النفوذ السياسي والوزن الحقيقي الذي يمثله الاتحاد الوطني الكردستاني ورئيسه في بغداد.

Copyright © 2020 Kirkuk Tv All Rights Reserved Designed And Developed By AVESTA GROUP