الفصل بين مسار حياة ومعيشة المواطنين
عن مسار الملفات السياسية، هو الوصفة الصحيحة لحل مشكلة ميزانية ورواتب اقليم
كوردستان في بغداد، لأنه بهذا لا يتم استغلال الادارة كألعوبة سياسية بل يفصلهما
عن بعض.
وقد طرح الرئيس بافل جلال طالباني،
باسم الاتحاد الوطني الكوردستاني وباسم المطالب المجتمعية لشعب كوردستان، هذا
المقترح على الأطراف الحريصة على الحكم في العراق وكوردستان.
اللقاءات المكثفة لرئيس الاتحاد الوطني
الكوردستاني في بغداد، ومنها لقاؤه مع رئيس الوزراء محمد شياع السوداني ومع قادة
تحالف إدارة الدولة، جعل من هذا المطلب مفتاحا لحل المشكلات وتطبيع العلاقات بين
الاقليم وبغداد، لأنه بدون هذه الوصفة يكون من الصعب جدا حل الداء القاتل والمزمن
بين الاقليم وبغداد، فاقتراح الرئيس بافل هذا يحمل رؤية واضحة وحرصا وإخلاصا للحل.
تمكن وفد حكومة اقليم كوردستان برئاسة
السيد قوباد طالباني عام 2021 من إيصال خارطة الطريق لهذا الحل الى بر الأمان،
وعلى هذا الأساس تم تثبيت حصة كوردستان في الميزانية العراقية.
ولكن للأسف، هناك توجه سلبي في بغداد
(من بعض الكتل المتنفذة)، وفي أربيل (من فريق الحزب الديمقراطي الكوردستاني في
حكومة الاقليم)، تختلق الحجج لتأزيم أجواء حل المسائل المالية وإيجاد سبل الثقة
المتبادلة وضمان استحقاقات شعب كوردستان، التي اعترف بها الدستور الدائم للبلد وتم
التأكيد عليها في اتفاق تشكيل الكابينة الحكومية الجديدة وبرنامج عملها، بإصرار من
الوفد المفاوض للاتحاد الوطني.
للأسف، فالأجواء الحالية هي أجواء
التسييس السلبي للملفات المالية والاقتصادية، والضريبة الكبرى من تأخير
الاستحقاقات المالية تدفعها جماهير شعب كوردستان، ومعلوم أن بعض التوجهات السلبية
في بغداد تختلق الذرائع لأن نظرتها الشوفينية القصيرة لا تبصر كوردستان، ولكن لماذا
لا تقوم إدارة حكومة الاقليم، التي يهيمن عليها توجه الحزب الديمقراطي فقط، بقطع
الطريق عن هذه الذرائع؟
وفي الواقع، إن كان هناك حرص على مصالح
شعب كوردستان، فلماذا يدير الحزب الديمقراطي الصراع مع بغداد بهذا الأداء السيئ
وهذه البضاعة الرديئة؟ بحيث تكون أقوال وحجج الأجهزة البيروقراطية في وزارة
المالية وديوان الرقابة المالية في العراق هي المسيطرة، ولا تدع رئيس الوزراء لكي
يفي بوعوده، التي هي جزء من برنامج عمل حكومته، وكذلك جزء من استحقاقات كوردستان
المالية.
هذا الشد والجذب يفهم منه وكأن الحزب
الديمقراطي والوسط البيروقراطي في مسارات بغداد، يرتشفان الماء من المصدر العكر
نفسه، حيث يتبادلان التمريرات ويردان على بعض مثل المغنين الشعبيين.
الخاسر الأوحد من هذا الصراع هو شعب
كوردستان فقط، وكما جاء في أدبيات اليسار العراقي، والمنقول عن الحكايات
الفلكلورية العراقية (بين حانة ومانة ضاعت لحانا).
المرحوم الشهيد فهد، السكرتير الأسبق
للحزب الشيوعي العراقي، كتب حينها مقالة تحت عنوان (الشعب الكوردي بين حانة
ومانة). وللأسف بعد ما يقارب القرن من الزمن يوشك هذا المثل أن يحيا من جديد.
لايمكن أن يبقى هذا الداء بلا دواء،
فالعلاج واضح، وهو عدم ارتهان حياة ومعيشة المواطنين، أي كما أشار اليه رئيس
الاتحاد الوطني، باقتراح فصل مسارات الحكم، وفصل معيشة وقوت المواطنين من الصراعات
السياسية، وإلا فكما إن الداء الكوردستاني الداخلي الآن هو تسييس الحكم بين المدن،
سيكون داء بغداد وأربيل هو الداء القاتل نفسه.
Copyright © 2020 Kirkuk Tv All Rights Reserved Designed And Developed By AVESTA GROUP