*محمد شيخ عثمان
**انعطافة مشرقة ومرحلة جديدة يدشنها الاتحاد الوطني الكردستاني عبر عقد مؤتمره الخامس،انها مرحلة العمل ومواجهة التحديات، مرحلة شعارها الصراحة والوضوح، مرحلة العبور والنهوض بدعم القاعدة الجماهيرية الواسعة التي كانت مثالا حيا للمبادئ ومستعدة للتضحيات من اجل تحقيق الاهداف وفاء لدماء الشهداء الذين سطروا الملاحم في تاريخ الاتحاد الوطني الكردستاني..
**قبل الخوض في اهمية المؤتمر ينبغي توضيح حقيقة انه من اجل الحفاظ على الحقوق والحريات الفردية، لابد للشعوب المتحضرة والتواقة للديمقراطية ان تعمل يدا بيد لرسم شكل الحكومات التي تطمح اليها ،وانجع وافضل طريقة لتحقيق هذا المسعى هي العمل من خلال الاحزاب السياسية ،فالحزب السياسي ركيزة اساسية من ركائز بناء العملية السياسية الديمقراطية وديمومتها ولكن للاسف و على مستوى العراق واقليم كردستان هناك من يجهل هذه الحقيقة ويزعم ان اصلاح النظام السياسي ياتي عبر إبعاد الاحزاب السياسية دون معرفة ان غياب الحزب في النظام السياسي يعني تعثر وفشل هذا النظام وبالتالي ينعكس سلبا على حياة ومستقبل الوطن والمواطن فلا يمكن تصور وجود ديمقراطية بدون احزاب سياسية فجميع الانظمة الديمقراطية الرصينة والناشئة مبنية على مشاركة ومساهمة الاحزاب في صيرورتها وهذا يقودنا الى اهمية اصلاح هذا الفهم الخاطئ عند المواطن والمجتمع وشرح اهمية الاحزاب كركيزة للنظام وليس عائقا.
وبالتالي ادراك المواطن بان الاحزاب السياسية هي منظمات طوعية تربط بين الناس وحكوماتهم، فالاحزاب تختار المرشحين وتنظم الحملات لانتخابهم للمناصب الرسمية، كما تحشد الناس للمشاركة في اختيار قادة حكوماتهم وان حزب الاكثرية لابد ان يعمل من اجل تحويل عدد من السياسات والبرامج المختلفة الى قوانين وان يعكس اعضاءها تنوع الثقافات التي نشأوا منها، فبعض هذه الاحزاب صغيرة وقائم على مجموعة من المعتقدات السياسية، والبعض الاخر منظم على اساس المصالح الاقتصادية، أو التاريخ المشترك لاعضائها، وهناك غيرها من الاحزاب تتشكل بمثابة تحالفات فضفاضة لمواطنين مختلفين قد يجتمعون مرة واحدة في فتر الانتخابات مثلما هنالك احزاب شعبوية تركب موجة امتعاض المواطنين وسخطهم من المعاناة كي تصل الى سدة الحكم دون الاهتمام بتنفيذ ماوعدت به للمواطن .
**انطلاقا من تلك الحقائق يمكننا القول ان الاتحاد الوطني الكردستاني يعتبر من ضمن الاحزاب الرصينة والعتيدة ليس على الساحة الكردستانية بل على مستوى العراق والعالم ايضا حيث يمثل ركنا اساسيا من النظام السياسي في اقليم كردستان وله رؤى ستراتيجية حيال اخطاء هذا النظام السياسي وكيفية الخروج من الازمات التي تعصف به ،مثلما يمثل حزبا ذات ثقل كبير ومهم على مستوى العراق اضافة الى كونه عضوا فعالا ومهما في منظمة الاشتراكية الدولية التي تضم في عضويتها اكثر من 180 منظمة وحزباً سياسياً ذات التوجه الديمقراطي الاجتماعي أو الاشتراكي أو العمالي.
**هذه المرة وتحت شعار"التجديد في الاداء والاجماع في القرار "يجري الاتحاد الوطني وعبر مؤتمره الخامس مراجعة داخلية لمسيرته السابقة من اجل تجاوز كل العقبات التي مرت به والخروج بحلول ورؤى تخدم الحزب والمسيرة الديمقراطية في اقليم كردستان والعراق ،ويؤشر شعار المؤتمر الى الاستراتيجية التي سيسير عليها الاتحاد الوطني وفق متطلبات المرحلة عبر التجديد في مفاصل الحزب (من المؤسسات حتى الاداء) اضافة الى التمسك بسياسة الرئيس الراحل مام جلال المتمثلة بباقة الورود عبر الالتزام بقوة الاجماع وليس شوكة التفرد في القرار والمهام .
**ليس هناك حزب يقرر خوض مؤتمره دون ثقة وادراك قادته بان مايتمخض عنه سيؤدي الى تعزيز ستراتيجية ومحورية وجماهيرية الحزب بين مؤتمرين لذلك فان مجرد قرار قيادة الاتحاد الوطني عقد مؤتمره الخامس يمثل جراة في القرار و ثقة تامة بالنفس والقاعدة الحزبية في بيئة كان يراهن الكثير على عدم امكانية عقده في توقيته او نجاحه.
** البعد الوظيفي للمؤتمرات الحزبية يستمد مشروعيته من كون هذه المؤتمرات تعتبر، من الناحية المبدئية، لحظة مفصلية في حياة أي حزب وظيفتها وغايتها الأساسية، تتمثل في اختيار القيادة الحزبية ورسم أولويات الحزب، وبتعبير آخر فالرئيس، يستمد شرعية استمراره ومشروعية تواجده من المؤتمر الحزبي، ونتيجة لذلك فإن المؤتمر هو الذي يضفي المشروعية القانونية على القيادة ويتم فيه تجديد هياكل الحزب.
* ولتبيان أهمية الحزب في العملية الديمقراطية، نشتبه الديمقراطية بمثلث كل واحد من أضلاعه يرمز لأحد أعمدة الديمقراطية، وهذه الأضلاع الثلاثة هي: الأحزاب، الانتخابات، والبرلمان، إن عدم وجود أي من هذه الأضلاع يعني انهيار العملية الديمقراطية،ومن هنا يستمد الحزب وظائفه الرئيسة، التي لاغنى عنها، أبرزها:التمثيل،الشرعية،صناعة النخبة السياسية،صنع والسياسة العامة في المقابل هناك ثلاث دلالات للمؤتمر الحزبي :
الأولى: قانونية تتمثل في احترام القوانين الأساسية للأحزاب.
والثانية: سوسيولوجية تتمثل في ربط الأواصر بين القيادة والقاعدة.
والثالثة: سياسية، تتجسد في تعاقب النخب على تدبير الشأن الحزبي.
**تنعكس نتائج هذا المؤتمر على الوضع في العراق بشكل عام واقليم كردستان والاتحاد الوطني بشكل خاص، فبعد تجاوز العديد من المراحل الصعبة فان الإتحاد الوطني الكردستاني اليوم هو قوة عظمى ومؤثرة ويعتبر عاملاً لتوحيد القوى الكردستانية والعراقية، وينظر اليه بانه عامل لتوحيد القوى المعتدلة في منطقة الشرق الأوسط بسبب ارثه النضالي وثقله الوطني وكينونته الديمقراطية وتعامله مع تحديات المرحلة كحزب مؤسساتي.
*عبر المؤتمر يتم تأسيس ثقافة سياسية جديدة داخل الحزب تنبني على قاعدة التعاقد السياسي والالتزام الحزبي كشرطين ضروريين لتحديد علاقة الحزب بأطره، وتقوية الشعور بالالتزام القانوني والسياسي والأخلاقي، والاتحاد الوطني تاريخه شاهد بانه لم يكن من الأحزاب التي ترفع شعار الديمقراطية ولا ترتضيها كمنهج في تدبير أمورها الداخلية بل كان ولايزال يدفع ضريبة دفاعه الدائم عن النهج الديمقراطي سواء للعراق او اقليم كردستان او الحل السلمي للقضية الكردية في المنطقة اضافة الى قضايا بقية الشعوب .
**تعتبر متابعة تنفيذ النظام الداخلي للإتحاد بأدق تفاصيله خطوة ضرورية وتعزيز لمؤسساتية الحزب ،والمؤتمر الخامس اخذ على عاتقه الخروج بمنهج داخلي يواكب طموح كوادره واعضائه بموازاة ستراتيجية علاقاته مع الاحزاب ودول العالم عموما وجماهير شعب كوردستان خاصة فالإتحاد الوطني نابع من أعماق جماهير شعب كردستان ويناضل من اجل تحقيق جميع أهدافه ومهامه ورغم مروره بالعديد من المصاعب والإنتصارات إلا أن ختام كل ذلك كان النصر والتوفيق سواء على مستوى الاقليم او الدولة الاتحادية او المنطقة لذلك يشكل المؤتمر إنعطافة في تاريخ شعب كردستان والحزب وكلمات قادة وممثلو القوى الكردستاني والعراقية عند إفتتاح المؤتمر وتقييمهم الإيجابي للإتحاد بالمهم دليل على ثقل ومكانة الاتحاد كحزب وطني مسؤول.
*فيما يتعلق بالكوادر،فللإتحاد الوطني ان يفتخر بهم سواء من ناحية الكم أو النوع كقوة بناءة لتسخير كل الجهود لتجاوز هذه المرحلة والبدء بمرحلة جديدة،مع التاكيد على أهمية إيلاء إهتمام أكبر بالشباب والنساء كأحد أهم الواجبات، دون تجاهل الحديث عن النضال السابق للأجيال الجديدة بنواحيه الإيجابية والسلبية .
وقدر التعلق بالقيادة فالحزب لم يكن أبداً عائقاً أمام تجديد القيادة ولن يكون، حيث يعتبر تجديد القيادة وتفعيل دورها شرط أساس للمزيد من التطور والتقدم والمؤتمر الخامس اخذ على عاتقه الخروج بصيغة ملائمة لتلك المسائل من التشكيلات القيادية وصولا الى المؤسسات والمراكز الحزبية .
*ان حزبا يمد يده لجميع القوى والاحزاب العراقية والكردستانية دون تمييز للعمل المشترك والتفاهم وخدمة الوطن والمواطن ،فاحضانه تبقى مفتوحة للاخرين لمواصلة النضال تحت خيمة الاتحاد الوطني الكردستاني.
**أنظار المنطقة و جماهير شعب كردستان متجهة نحو هذا المؤتمر،فليس أمامنا خيار إلا توقع نجاحه والخروج اكثر قوة وتماسكا وتكاتفا والايام القادمة ستثبت صحة توقعاتنا المبنية على الواقع والحقائق وليس العاطفة .
Copyright © 2020 Kirkuk Tv All Rights Reserved Designed And Developed By AVESTA GROUP