لماذا وصلنا الى هذا الحال

لقد ابتلي العالم العربي بسياسة وواقع بائس لعقود من الزمن بل ولازال وسيستمر ولفهم الأسباب الحقيقية لهذا الاضطراب، يجب علينا أن نتعمق في الإرث الاستعماري وفراغ السلطة اللاحق الذي نشأ في المنطقة فقد كان للإرث الاستعماري وفراغ السلطة اللاحق تأثير عميق على العالم العربي. لقد خلقت ندوب الاستعمار انظمة استبدادية واستغلال سياسي واقتصادي وواقعاً بائساً لشعوب المنطقة بعد كان العالم العربي ذات يوم حضارة مزدهرة، وكان له تاريخ غني وتراث ثقافي زاخر. ومع ذلك، فإن وصول القوى الاستعمارية الأوروبية في القرنين التاسع عشر والعشرين ترك ندوبًا دائمة على المنطقة. وفرضت دول مثل فرنسا وبريطانيا وإيطاليا حكمها واستغلت الموارد وقسمت الأرض حسب مصالحها. وتجاهلت الحدود التعسفية التي رسمتها القوى الاستعمارية للانتماءات العرقية والقومية  والدينية والقبلية للشعوب التي تعيش قريبة من بعضها البعض ، وأدى ذلك إلى إنشاء دول مصطنعة، حيث اضطرت مجموعات متنوعة إلى التعايش داخل نفس الحدود ولا تزال عواقب هذا الانقسام العشوائي محسوسة حتى اليوم، حيث زرعت بذور الصراعات الداخلية والصراعات على السلطة بتركها فراغ كبير للسلطة والإرادة عندما انسحبت القوى الاستعمارية في نهاية المطاف من المنطقة، فخلفت وراءها فراغًا سياسيا اقتصاديا وفكريا سرعان ما ملأته الأنظمة الاستبدادية، وسعت هذه الأنظمة المدعومة غالباً من الغرب، إلى الحفاظ على سيطرتها واستقرارها بأي ثمن، لقد قمعوا المعارضة، وقلصوا الحريات السياسية، وأنشأوا أجهزة أمنية قمعية لضمان بقاء قبضتهم على السلطة كما ساهم غياب المؤسسات الديمقراطية وعدم وجود انتقال سلس للسلطة وخلقت أرضا خصبة للفساد والمحسوبية وإساءة استخدام السلطة وعززت نخب معينة لتبقى حاكمة، التي غالبًا ما تكون من النخبة العسكرية ونخب سياسية فاسدة ،لتفرض  سلطتها وتجمع ثروات ضخمة بينما عانت غالبية السكان من الفقر والتهميش. وبعد اكتشاف النفط وخراب البصرة مثلما يقول المثل العراقي والاستغلال والاقتصادي الذي اجبر ان يدخل العالم العربي في تبعية لا تنتهي، حيث استخرجت وسرقت القوى الاستعمارية الموارد والثروات الطبيعية من المنطقة مما جعلها ضعيفة اقتصاديًا ومعتمدة على المساعدات والاستثمارات الأجنبية، وأدى هذا الضعف الاقتصادي إلى استمرار دورة الفقر وعدم المساواة. وأدى الافتقار إلى استغلال الفرص الاقتصادية وكسافة استثمار الطاقات البشرية إلى تأجيج وإشاعة الإحباط والسخط بين السكان. وارتفعت معدلات البطالة، خاصة بين الشباب، مما أدى إلى الشعور باليأس والقنوط والخيبة من اية حكومة وأصبح هذا الفشل السياسي والاقتصادي أرضا خصبة للتطرف والخروج عن جادة الصواب. لقد ساهمت الحدود التعسفية وقمع الحريات السياسية والتبعية الاقتصادية في استمرار الاضطرابات وعدم الاستقرار. الامر الذي أدى إلى مجتمعات مجزأة ساعد على تفاقم التوترات العرقية والطائفية القائمة داخل البلاد العربية ولقد ساهمت تلك الحدود المصطنعة وقمع الحريات السياسية والتبعية الاقتصادية في استمرار الاضطرابات وعدم الاستقرار.. ووجدت المجموعات العرقية والقومية والدينية المختلفة نفسها في مواجهة بعضها البعض، مما أدى إلى انقسامات وصراعات عميقة الجذور، وكثيراً ما استغلت الأنظمة الاستبدادية هذه الظروف للحفاظ على قبضتها على السلطة ومن خلال الضرب على الاوتار الحساسة للعرقية والطائفية، فصرفوا الانتباه عن ممارساتهم القمعية وعززوا الشعور بالخوف وانعدام الثقة بين الناس من جهة وبينها وبين اية حركات وأحزاب سياسية جاهدت لخلق عالم نامي مزدهر وجميل .