دور السلطة المنتخبة في تلبية مطالب الجماهير

د. سمكو شواني
14:09 - 2025-01-17

تعتبر الديمقراطية إحدى الأنظمة السياسية التي تقوم على مبدأ مشاركة الشعب في اتخاذ القرارات من خلال الانتخابات. وفي هذا الإطار، يُفترض أن تكون السلطة المنتخبة هي انعكاس لإرادة الشعب، وأن يكون لها دور أساسي في تلبية مطالب الجماهير وتعزيز رفاهيتهم. لكن السؤال الذي يطرح نفسه هو: هل من المنطقي أن تقوم السلطة بمعرفة مطالب الجماهير قبل أن يتطلب منها ذلك؟ في هذا المقال، سنناقش العلاقة بين السلطة المنتخبة والمطالب الجماهيرية وأهمية الاستماع إلى هذه المطالب لتحقيق مبدأ الديمقراطية الفعالة.
   السلطة المنتخبة هي السلطة التي يتم تشكيلها من خلال تصويت الشعب في انتخابات حرة ونزيهة. وبالتالي، فإن المسؤولين المنتخبين يجب أن يكونوا ممثلين حقيقيين لمصالح المواطنين، ويُفترض أن يكونوا في خدمة هذه المصالح. ومن هذا المنطلق، تتحمل السلطة المنتخبة مسؤولية الاستماع إلى مطالب الشعب والعمل على تحقيقها. ويعد هذا جزءاً أساسياً من مبادئ الديمقراطية التي تقوم على إشراك المواطنين في صنع القرار.
   في نظام ديمقراطي سليم، لا ينبغي أن تكون السلطة منفصلة عن الجمهور. إذ يجب أن تكون هناك قنوات تواصل واضحة وفعّالة بين المواطنين والممثلين المنتخبين. يمكن للسلطة أن تتعرف على مطالب الجماهير من خلال عدة آليات:
    1.      الاستطلاعات العامة: يمكن إجراء استطلاعات للرأي دورية لمعرفة قضايا المواطنين الأكثر أهمية واحتياجاتهم.
    2.      التشاور المباشر مع المواطنين: من خلال اللقاءات العامة، الاجتماعات المفتوحة، أو حتى منصات التواصل الاجتماعي، يمكن للمواطنين التعبير عن آرائهم ومطالبهم بشكل مباشر.
    3.      الاستماع للمجتمع المدني: تشكل منظمات المجتمع المدني والمجموعات المهنية جزءاً من الجسر الذي يصل بين السلطة والشعب، حيث يمكن لهذه الجهات تقديم تقارير وتوصيات تعكس واقع المجتمع واحتياجاته.
    4.      الاستجابة للأزمات: في حالات الأزمات، يظهر بشكل واضح كيف يمكن للسلطة أن تكون استجابة مباشرة لمطالب واحتياجات المواطنين.
   إن تلبية مطالب الجماهير ليست مجرد مسؤولية أخلاقية للسلطة المنتخبة، بل هي عنصر أساسي لضمان استدامة النظام الديمقراطي. فإذا شعرت الجماهير أن مطالبها لا تجد آذاناً صاغية أو أن السلطة تعمل في معزل عن اهتماماتهم، فقد يؤدي ذلك إلى فقدان الثقة في النظام السياسي واللجوء إلى بدائل غير ديمقراطية.
    تلبية مطالب الجماهير تعني أيضاً تحسين مستوى الحياة للمواطنين من خلال تطوير السياسات العامة التي تركز على قضايا مثل التعليم، الرعاية الصحية، العدالة الاجتماعية، والاقتصاد. فعندما تشعر الجماهير بأنها شريكة في اتخاذ القرارات التي تؤثر على حياتها، يرتفع مستوى المشاركة السياسية والثقة في مؤسسات الدولة.
   ومن المهم الإشارة إلى أن السلطة المنتخبة قد تواجه ضغوطاً متعددة من أطراف مختلفة، سواء كانت اقتصادية، اجتماعية، أو حتى من قوى دولية. ومع ذلك، يجب على السلطة أن توازن بين هذه الضغوط وبين ما يحقق مصلحة المواطن بشكل أساسي. لذلك، فإن مفتاح النجاح يكمن في القدرة على فهم مطالب الجماهير وتقديم حلول واقعية ومبنية على أسس علمية وواقعية، بما يضمن استقرار الدولة ورفاهية مواطنيها.
   في النهاية يمكن القول بان السلطة المنتخبة هي امتداد لإرادة الشعب، وبالتالي يجب أن تكون على دراية دائمة بمطالب الجماهير وأن تستجيب لها بما يحقق المصلحة العامة. من خلال تفعيل آليات تواصل فعالة مع المواطنين، يمكن للسلطة أن تقدم حلولاً تناسب احتياجاتهم الحقيقية. وبالتالي، فإن تلبية مطالب الجماهير تُعدّ حجر الزاوية في بناء نظام ديمقراطي قوي ومستدام، حيث لا تقتصر المسؤولية على اتخاذ القرارات فقط، بل على ضمان أن هذه القرارات تتماشى مع مصلحة الشعب.
 
 

Copyright © 2020 Kirkuk Tv All Rights Reserved Designed And Developed By AVESTA GROUP